قال الواقدي: حدثنا ابو محمد قال: حدثني من أثق به عن قيس ابن هبيرة قال كنت من أصحاب يوقنا حين سار بالرسالة إلى بدليس وتحدث مع طاريون وأنفذ صاحب بدليس إليه وكان لما بلغه قدوم يوقنا صعد إلى حصنه فاستحضره وأنا معه فوجدناه على سرير مملكته فسلمنا عليه فقال يوقنا أن أمير جيوش المسلمين بأرض ربيعة وهو عياض ابن غنم قد أرسلنا اليك ندعوك إلى توحيد الله ورسالة نبيه ولكم ما لنا وعليكم ما علينا واعتبر بمن تقدم من الملوك وأصحاب الأقاليم والعز فقد أصبحوا هالكين فما جوابك فقال: أيها السيد إني قد كنت أردت أن أرسل رسولا إلى أميركم في طلب الصلح وأعطيه شيئا وإن أبقى على ديني ومن أراد من أهل بلدي أن يرجع إلى دين القوم فلست أمنعه فقال يوقنا بكم يطيب قلبك أن تدفع في صلحك على بدليس وأرزن وما تحت يدك من البلاد فإني إذا أمضيت لك الصلح فقد رضيت به العرب فقال: أيها السيد اعطيهم مائة ألف دينار وخمسمائة زردية وألف قوس وإن لا يولي على مملكتي غيري حتى أموت وإن لا يبقى من قبلهم إلا رجل أو رجلان حتى يعلموا من أسلم شرائع الإسلام وإن يكون أمري نافذا في مملكتي ومن أسلم يكون أمره لمن يكون عندنا من قبلكم وما يكون لي عليهم حكم فقال يوقنا قد أمضينا صلحك وأتممنا عهدك وانا أعطيناك عهد الله ورسوله على ما ذكرته قال: وأعطاه عهد الله ورسوله وهادنه على الهيئة التي هادن رسول الله صلى الله عليه وسلم هرقل ملك الروم وحلف له عن المسلمين كلهم قال: وإن قيسا ذهب إلى عياض فاعلمه بما استقر بينهم فلما وصل كتاب يوقنا إلى عياض رحل من مكانه إلى أن نزل على بدليس فوجد البطريق قد أخرج ما وقع عليه الصلح فلما قدم عياض نزل إليه البطريق وتلقاهم وحياهم بأحسن تحية وأنزلهم في أحسن منزل وقدم لهم الاموال وكتبوا بذلك عهدا.
قال: ونظر المسلمون من أهل اليمن وبادية العرب إلى البنات وحسنهن فمالت أنفسهم اليهن وشرب أكثرهم الخمر فلما راى عياض ذلك صعب عليه فأمر أن يؤتوه بمن فعل ذلك فأقام عليهم الحد وأخذ منهم حق الله وقال لهم: أكفر بعد إيمان أبهذا أمرتم أم لهذه خلقتم أما سمعتم ما قال من أمره بين الكاف والنون قال فتابوا بأجمعهم فلما جن الليل اجتمع يوقنا بعياض وحدثه بأمر طاريون وما واققته عليه وإنها قد وهبت نفسها لله تعالى ومضت تدبر كيف تعمل في تسليم البلد للمسلمين وإني وعدتها أن أسير اليها وأعينها على ذلك فقال عياض إذا كان الامر كذلك فيجب علينا أن نطلع عليه خالدا وأصحابه فقال يوقنا افعل ما فيه الصواب فأرسل إلى خالد ومعاذ وقيس والمسيب بن نجيبة وعمرو بن معديكرب وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وحدثهم بالحديث وقال لهم: ما ترون من الرأي.