للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم فصاحوا بخيولهم فخرجت كالرياح العواصف ولم يزالوا في القتال الشديد إلى أن توسطت الشمس في قبة الفلك وقد ثبتت أصحاب النعمان بن المنذر للضرب والطعان.

قال الواقدي: وإن القعقاع بن عمرو التميمي أو بشر بن ربيعة التميمي أحدهما التقى مع النعمان في كبكبة من الخيل والازدهارات على رأسه فحمل القعقاع أو بشر على الكبكبة ففرقها وعلى الكتيبة فمزقها ورمى النعمان بطعنة في صدره فاطلع السنان يلمع من ظهره فلما نظرت جيوش الحيرة إلى الملك النعمان مجندلا ولوا الادبار يريدون القادسية نحو جيش الفرس وغنم المسلمون رحالهم وأموالهم وباتوا فرحين وافتقدوا من قتل من المسلمين فكانوا خمسمائة وثلاثين غالبهم من أهل نخع وقد ختم الله لهم بالشهادة وفي ذلك قالت خزانة بنت خالد بن جعفر بن قرط ترثي من قتل من المسلمين:

فيا عين جودي بالدموع السواجم. ... فقد شرعت فينا سيوف الاعاجم.

فكم من حسام في الحروب وذابل. ... وطرف كميت اللون صافي الدعائم.

حزنا على سعد وعمرو ومالك. ... وسعد مبيد الجيش مثل الغمائم.

هم فتية غر الوجوه أعزة. ... ليوث لدى الهيجاء شعث الجماجم.

قال: وإن المسلمين جمعوا الاموال واحتوى سعد على قصر الخورنق والسدير وترك جميع ما أخذه بالحيرة وترك عنده سالم بن نعيم بن مسروق وترك عنده مائة من ابناء المهاجرين والانصار قال: وأما من انهزم من جموع النعمان بن المنذر فوردوا على القادسية وعليها جنود الفرس مع رستم زاده بن اسفنديار ومعه شهريار بن كنار والهذيل بن جشوم وحشرسوم الهمذاني والجناتيوس بن فتاك وشماهير بن حسوسا قال فلما رأوا المنهزمين من جيش النعمان ملك العرب سألوهم عن أمرهم فأخبروهم بقتل النعمان وأخذ الحيرة وقصر الخورنق والسدير وجميع ما فيها قال فوقع التشويش في عسكر الفرس وتمكن الخوف من قلوبهم وكثرت الاراجيف وأما رستم فإنه جمع الملوك والاساورة وملوك الديلم في خيمته وقام على سريره خطيبا فقال اعلموا أن الدولة بالسياسة والناموس بالرياسة وكأنكم بالعرب وقد أشرفوا عليكم فاخرجوا واذهبوا إليهم واركبوا فخرجوا من عنده وأخذوا أهبة الحرب فبينما هم كذلك إذ بعسكر سعد قد أشرف عليهم وهم على الخيل المضمرة العربية وعليها الفرسان الإسلامية والطائفة المحمدية فرتبوا الصفوف وجعل رستم ملوك الفرس عن يمينه وملوك الديلم عن يساره ووقف رستم في القلب ودارت به الاساورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>