قال الواقدي: وبلغنا عن رجل من تميم عن امرأة منهم قالت شهدت القادسية وضم للنساء لكل منهن ثلاثة وثلاثون مثقالا من العنبر ومثلها مسك وأما الكافور فما كنا نعبأ به إلا من عرفه وكانت العرب تقول للسوقة هل لكم من ملح طيب وكانوا يعطون كيل كافور بكيل ملح وإن رجلا من العساكر عجن عجينا وجعل فيه من الكافور وجعل يذوقه بعد خبزه ويقول ما لهذا الملح لا يطعم في العجين وإن رجلا ممن له خبرة بالملح قال أعطيكم جراب ملح يطعم طعمه قال فأخذوه وأعطوه ملء جرابه كافورا غال وإن سعدا لما هزم الله العدو على يديه جمع الاموال كلها وكان الذي يقبض االاموال سليمان بن ربيعة قال فكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتابا يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم من العامل بالعراق سعد بن أبي وقاص إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أما بعد سلام عليك وإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وانا وصلنا إلى العراق والتوفيق يقدمنا والنصر يؤيدنا وقد اطلع الله على قلوبنا وامتحن خفي أسرارنا فما وجد فيها سواه ولا نعبد إلا إياه فوفى لنا بوعده إذ وفينا بصادق عهده فلقينا العدو وهو شاكي السلاح وغير راجع عن الطماح وقد شمر لنا عن ساق الجد فدارت لنا عليه الدوائر فهزمنا كتائبهم وزلزلنا مواكبهم واستأصلنا شأفتهم وقتلنا مقدمهم فجرى بذلك سابق القدر: {فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ}[القمر: ٤٢] وملكنا الحيرة والقادسية وأنزل الله بأعدائنا الرزية فلما كان بعد الفتح بيوم قدم المرقال وهشام وسبعون رجلا من الصحابة وبعده بثلاثة أيام قدم سبعمائة من الشام من جند أبي عبيدة ولم أسلم لأحد شيئا من الغنيمة ونحن ننتظر أمرك في ذلك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وعلى جميع المسلمين وسلم الكتاب إلى زيد بن عمرو فركب نجيبه وسار نحو المدينة.
قال أخبرنا أحمد بن عمر قال: حدثني سابق بن مسلم قال: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنهم يركب في كل يوم نجيبه ويقصد طريق العراق إلى قريب الظهر وذلك لما بلغه أن رستم نزل على القادسية قال فخرج على عادته إذ لقيه البشير وهو نوفل فلما رآه نوفل أبرك ناقته وسلم على أمير المؤمنين وقال له: أبشر بكل خير ودفع كتاب سعد وهو يقول قد هزم الله العدو ونصر الموحدين وملكنا الحيرة والقادسية بهم فرقى المنبر وقرأ عليهم كتاب سعد وقال إلا وإن اخوانكم المسلمين يقرئونكم السلام وقد اتبعوا الكتاب والسنة وحادوا عن طريق البدعة وأقاموا على شرائع الهدى وأرادوا المشورة فيمن قدم عليهم فأما الجواب فالغنيمة لمن شهد الوقعة والمواساة لمن لحق بهم بعد الوقعة بثلاثة أيام ونزل عن المنبر وكتب إلى سعد بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد سلام عليك فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم وقد وصلني كتابك فحمدت الله كثيرا بما فتح الله على أيديكم.