لغضب رب العالمين أترضى لنفسك بذلك ثم إنه حده وقيده وجعل عليه من يحفظه فلما كان من الغد ووقع الزحف وبرز فارس العجم وكان منه ما ذكرناه عاد إلى القيد فلما قتل رستم بمشاهدة الناس أتى إليه سعد ليعلم حقيقة الامر فوجده في القيد فقال له: يا أبا محجن أنت صاحب الفضيلة فقال الفضل لله ولرسوله فأقسم عليه فحدثه بحديثه فقال له: إذا كان هذا صنيعك فاذهب فقد عفوت عنك ومن عاد فينتقم الله منه فقال أبو محجن والله ما عدت أشربها أبدا وتاب.
قال الواقدي: حدثنا زائدة عن جده مروان بن أوس قال كنت بالقادسية وشهدت فتحها لما قتل رستم وولده عجزشير وولت الفرس على عقبهم لا يلتفت أحد منهم إلى ما وراءه من الاموال والاصحاب وما لهم قصد إلا السلامة لأنفسهم وأتى نساء المسلمين ومعهن الماء فدرن بين القتلى والجرحى فمن وجدنه من المسلمين فيه الرمق سقينه الماء ونضحن على وجهه وينقلن من قتل من العرب إلى العرب ويتركن رمم الفرس.
قال الواقدي: حدثنا سليمان بن بشر عن أم كثير امرأة همام بن الحرث قالت شهدت القادسية مع سعد فلما نزل النصر وانهزمت الفرس شددنا ثيابنا وأخذنا الماء وابتغينا القتلى فمن كان من المسلمين سقيناه ورفعناه ومن كان من المشركين أخذنا ما عليه.
حدثنا الحرث عمن أدرك ذلك قال لم يكن من قبائل العرب أكثر نساء من نساء بجيلة والنخع وكانوا في ألف وسبعمائة امرأة قال: وأخذت المسلمون عدة لم يروا مثلها وأصيب من المسلمين سعد بن عبيد وسفيان بن سليم والمهلب بن غزوان والقادح بن عنبسة ونعمان بن نعيم وأربعون رجلا من المهاجرين والانصار وسنذكر من قتل ممن كانوا يقرأون القرآن إذا جن الليل كدوي النحل قال: وأخذ المسلمون من الأموال ما لم يرمثله ولما كان بعد الفتح بيوم جاءت النجدة التي بعثها عياض بن غنم من أرض الموصل وجاء من شهد الفتوحات بالشام مع عامر بن الجراح وكان الذين قدموا سبعمائة فلما وصلوا إلى عين التمر استعجل للنصرة فترك الجيش وسار في سبعين فارسا وأتت بقية السبعمائة بعد ذلك وكان معه قيس بن عبد يغوث وقيس بن أبي حازم وسعيد بن نزار ومالك الاشتر النخعي فتقدم هاشم وقيس معه في السبعين.
قال الواقدي: حدثنا ابراهيم بن بشار قال أخبرنا محمد بن علي عن سليمان بن أرقم أن عدة القتلى بالقادسية تسعة وثمانون رجلا وكان المشهور منهم قيس وعطارد وهشام ومذعور ومقرب الاسود وعمرو بن قيس والنعمان.