وصالت لؤي مع معد وغالب. ... وسادات مخزوم الكرام ذوي المفخر.
تروم مسيرا للأعادي على شفا. ... تمكن من أعلاهم البيض كالسمر.
ترى كل علج عائص في دلاصه. ... تجعجع في نقع تأجج كالحمر.
بكل كميت صادق الوعد صائل. ... يرى درعه الزاهي تمكن بالصبر.
نرى الموت في وقع الوقائع مغنما. ... ونكسب من قتل العدا غاية الأجر.
قال الواقدي: فلما فرغ عمرو بن العاص من الكتاب عرضه على أصحابه ثم طوى الكتاب وختمه واستدعى برجل يقال له سالم بن بجيعة الكندي وسلم إليه الكتاب ودفع له ناقة عشارية فاستوى على كورها وخرج يريد المدينة وهو يقول:
أسير إلى المدينة في أمان. ... وأرجو الفوز في غرف الجنان.
وأرجو أن يقرب لي اجتماعي. ... وأعطي ما أريد من الاماني.
إلا يا ناقتي جدي وسيري. ... إلى نحو النبي بلا امتهان.
وأقرئيه السلام وأنشديه. ... كلاما صادقا حسن البيان.
إلا يا أشرف الثقلين يا من. ... به شرف المدينة والمكان.
فكن لي في المعاد غدا شفيعا. ... إذا ما قيل هذا العبد عاني.
قال الواقدي: ولم يزل سائرا ليلا ونهارا حتى قدم المدينة الطيبة الأمينة بعد صلاة العصر فدخل وأناخ ناقته على باب المسجد وعقلها بفضل ذمامها ودخل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم على قبره الشريف وصلى ركعتين بين القبر والمنبر ثم تقدم فوجد عمر بن الخطاب فسلم عليه قال فرد علي السلام وصافحني وكان لما رآني أقبلت وأنا فرحان قال سالم جاء بكتاب من مصر مرحبا به ثم التفت وعن يمينه علي بن أبي طالب وعن شماله عثمان بن عفان وحوله من السادات والمهاجرين والانصار مثل العباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد وطلحة بن عبد الله وبقية الصحابة رضي الله عنه حوله ثم ناولته الكتاب فقال: ما وراءك يا سالم فأنت سالم في الدنيا والآخرة أن شاء الله تعالى فقلت الخير والبشرى والأمن يا أمير المؤمنين فلما قرأ الكتاب فرح واستبشر وكانت تلك الغنائم قد وصلت إلى المدينة قبل ذلك بأيام وقسمت على الصحابة رضي الله عنهم ثم إنه استشار عمر رضي الله عنه علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ومن حضر فاشار عليه علي بن أبي طالب أن عمرو بن العاص لا يسير بنفسه ليكون أهيب له في قلوب أعدائه وإن يجهز جيشا عشرة آلاف فارس ويؤمر عليهم خالد بن الوليد رضي الله عنه فإنه سيف الله فقال عمر صدقت وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خالد سيف الله تعالى" وفي رواية: "أن خالدا سيف لا يغمد عن أعدائه" ثم.