للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بات سالم تلك اليلة فلما اصبح صلى الصبح في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل على أمير المؤمنين عمر يساله الجواب فعندها استدعى عمر رضي الله عنه بداوة وقرطاس ثم كتب كتابا يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر بن الخطاب إلى عامله على مصر ونواحيها عمرو بن العاص سلام عليك ورحمة الله وبركاته أما بعد فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو واصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والسلام عليك وعلى من معك من المهاجرين والانصار ورحمة الله وبركاته وقد قرأت كتابك وفهمت خطابك فإذا قرأت كتابي هذا فاستعن بالله واربط الخيل وارسل الأمراء لكل بلد أمير ليقيموا شرائع الدين ويعلموا الاحكام.

ثم انتدب عشرة آلاف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر عليهم خالد بن الوليد وأرسل معه الزبير بن العوام والفضل بن العباس والمقداد بن الأسود وغانم بن عياض الاشعري ومالكا الاشتر وجيمع الأمراء واصحاب الرايات ينزلون على المدائن ويدعون الناس إلى الإسلام فمن أجاب فله ما لنا وعليه ما علينا ومن أبي فليأمروه بأداء الجزية وإن عصي وامتنع فالحرب والقتال وأمرهم إذا حاصروا مدينة أن يشنوا الغارات على السواد وإن بمصر مدينتين كما بلغني أحداهما يقال لها أهناس قريبة من مصر والثانية يقال لها البهنسا أمنع وأحصن وبلغني أن بها بطريقا طاغيا سفاكا للدماء يقال له البطليوس وهو أعظم بطارقة مصر كما بلغني وإنه ملك والواحات فلا تقربوا الصعيد حتى تفتحوا هاتين المدينتين وعليك بتقوى الله في السر والعلانية انت ومن معك وأنصف المظلوم من الظالم وأمر بالمعروف وإنه عن المنكر وخذ حق الضعيف من القوي ولا تأخذك في الله لومة لائم وأقم أنت بمصر وأرسل الأجناد وإن احتجت إلى مدد فارسل وكاتبني وأنا ارسل لك المدد والمعونة من الله عز وجل وأسأل الله تعالى أن يكون لكم بالنصر والمعونة والفتح والحمد لله رب العالمين ثم طوى الكتاب وختمه بخاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفعه إلى سالم فاخذه وودع الصحابة وودع قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن توضأ وصلى ركعتين وسار ولم يزل سائرا حتى قدم مصر فوجد عمرا والصحابة نازلين بأرض الجيزة وكان زمن الربيع وهو جالس في خيمته وأصحابه عنده وهذه الخيمة كانت لملك القبط من الحرير الأزرق والأحمر والاصفر سعتها ثلاثون ذراعا وقد فرش فيها فرشا كان للقبط وهو جالس يتحدث مع المقداد وخالد والفضل وغانم والأمراء جميعهم رضي الله عنهم وهو كأحدهم قال سالم فانخت ناقتي فسمعت عمرا يقول وأنا خلف الخيمة قد أبطا سالم فقال خالد: كأنك به وقد أقبل فهويت فأحس خالد بي من داخل الخيمة ولم يرني بعينه ولا غيره ولا علم بي فقال سالم فقلت لبيك يا أبا سليمان فقال مرحبا بك يا سالم وحياك الله ثم تقدمت وسلمت على عمرو وخالد وعلى بقية الأمراء ثم ناولته الكتاب فقرأه

<<  <  ج: ص:  >  >>