إلى آخره وفهم ما فيه فلما سمع الأمراء ما فيه فرحوا بذلك فرحا شديدا ثم أن عمرا استشار الأمراء في ذلك وكانوا لا يفعلون شيئا إلا بمشورة بعضهم ولذلك مدحهم الله في كتابه العزيز بقوله عز وجل وأمرهم شوري بينهم فأشاروا عليه أن يرسل خلف الأمراء والجنود المتفرقة في البحيرة شرقا وغربا وإن يرتب الجيوش ويقصدوا الصعيد ويتوكلوا على الله عز وجل.
قال الواقدي: وكانت الصحابة لما فتحت مصر والوجه البحري قد تفرقوا فمنهم في الاسكندرية وأمسوس ودمياط ورشيد وبلبيس وكان أكثرهم بوسط البحيرة في المكان المعروف بالمنزلة مثل القعقاع بن عمرو التميمي وهاشم بن المرقال وميسرة بن مسروق العبسي والمسيب بن نجيبة الفزاري فعندها استدعى عمرو رضي الله عنه بالنجابة والسعادة وعمرو ابن أمية الضمري ومثل هؤلاء رضي الله عنهم أجميعن وكتب الكتب وأرسلها للأمراء فعندها أجابوا بأجمعهم لأنهم رضي الله عنهم كانوا أشوق للقتال من العطشان للماء البارد الزلال وتركوا في البلاد والمدائن من يحفظها أو يحرسها خيفة من العدو واقبلوا نحو مصر مسرعين ونزلوا حولها وأخبر عمرو رضي الله عنه بقدومهم فدخل دار الامارة وهي قريبة من الجامع العمري واقبلت السادات والأمراء يسلمون عليه وكان ذلك نهار الاربعاء عاشر شهر ربيع الاول سنة احدى وعشرين من الهجرة النبوية وقيل اثنتين وعشرين والله أعلم.
قال: حدثنا محمد بن عبد الله احدثنا عبيد بن رافع عن ابيه جحيفة عن جابر بن عبد الله الانصاري وحدث بذلك ابن سلمة رضي الله عنه قالوا: لما قدمت الأمراء والاجناد من الصحابة رضي الله عنه أقاموا الاربعاء والخميس والجمعة فخطب عمرو رضي الله عنه بالناس فلما فرغ من خطبته أمر الناس أن لا يتفرقوا حتى يقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب فقرأ عليهم الكتاب فلما فرغ من قراءته تواثبوا كلهم كالاسود الضارية المشتاقة إلى فرائسها وقالوا: كلهم سمعنا وأطعنا ولارواحنا في سبيل الله بذلنا وللجهاد طلبنا وفي الثواب رغبنا والى الجنة اشتقنا ففرح عمرو بذلك وقال أن أمير المؤمنين قد أمرني أن أولي عليكم سيف الله والنقمة على أعداء الله صاحب القتال الشديد والبطل الصنديد خالد بن الوليد.
قال الواقدي: وكان خالد بن الوليد صديق عمرو في الجاهلية وأسلما في يوم واحد ثم التفت عمرو إلى خالد وقال ادن مني يا أبا سليمان فدنا منه فقال عمرو يا معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم كلكم لكم الفضل وإني لست بأفضلكم وفيكم من هو ذو قرابة ونسب من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تعلمون ما فتح الله على يديه من البلاد وما أذل الله على يديه من الاجناد.