للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من جموعنا فإن الملك ما انفذ في هذا الجيش إلا عظماء البطارقة والاساقفة قال خالد: والله ما نرجع إلا باحدى ثلاث خصال أما أن تدخلوا في ديننا أو تؤدوا الجزية أو القتال وأما ما ذكرت من إنكم عدد الذر فإن الله تعالى قد وعدنا النصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وأنزل ذلك في كتابه العزيز وأما ما ذكرت من أن صاحبكم يعطي كل واحد منا دينارا وعمامة وثوبا فعن قريب أن شاء الله نرى ثيابكم وبلادكم وعمائمكم كل ذلك في ملكنا وبأيدينا فقال الراهب إني راجع إلى صاحبي أخبره بجوابك ثم لوى راجعا وأخبر وردان بما كان من جواب خالد فقال وردان: أيظن أننا مثل من لقيه من قبل وإنما هؤلاء لحقهم الطمع إذ تقاصرنا عن قتالهم والملك قد أرسل إليهم أكابر البطارقة وما بيننا وبينهم إلا جولة الجائل ثم نتركهم صرعى ثم رتب أصحابه وزحف وقدم أمامه الرجالة صفا أمام القوم والخيالة وبأيديهم المزازيق والقسي قال فصاح معاذ بن جبل معاشر الناس أن الجنة قد زخرفت لكم والنار قد فتحت لاعدائكم والملائكة عليكم قد اقبلت والحور العين قد تزينت للقائكم فابشروا بالجنة السرمدية ثم قرأ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنفسهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: ١١١] بارك الله فيكم الحملة فقال خالد: مهلا يا معاذ حتى اوصي الناس ومشي في الصفوف ورتبها وقال اعلموا أن هؤلاء أضعافكم فطاولوهم إلى وقت العصر فإنها ساعة نرزق فيها النصر وإياكم أن تولوا الأدبار فيراكم الله منهزمين ازحفوا على بركة الله تعالى.

فلما تقارب الجمعان رمت الأروام سهامهم رمية واحدة قال فقتلوا رجالا وجرحوا أناسا وخالد قد منع الناس من الحملة فقال لضرار بن الأزور وما لنا والوقوف والحق سبحانه وتعالى قد تجلى علينا والله ما يظن أعداء الله إلا أننا قد فشلنا عنهم وجزعنا فأمرنا بالحملة حتى نحمل معك قال فأنت لها يا ضرار فخرج ضرار بن الأزور وقال: والله ما من شيء اشهى إلى قلبي من ذلك ثم حمل ضرار وقد تدرع بدرع كان لبطرس أخي بولص وألقى الزرد على وجهه وركب جواده وكان عليه يؤمئذ جبتان من جلود الفيلة كان قد أخذهما أيضا من بطرس وقد أخفى نفسه عن الروم بلباسه ذلك وقد اطلق عنانه وقوم سنانه وحمل في صفوف الروم فرشقوه بالسهام فلم يصل إليه منهم أذى وهو يخترق صفوفهم فما كان قدر ساعة حتى قتل من الروم عشرين فارسا ومثلها رجالة قال عنان بن عوف النجبي كنت ممن يعد قتلى ضرار بن الأزور وكنت كلما قتل فارسا من الروم أعده فكان جملة قتل ضرار في حملته هذه فرسانا ورجالا ثلاثين فارسا.

قال عمر بن سالم هكذا حدثني نوفل بن زياد ثم إنه رمى البيضة عن رأسه والزرد عن وجهه ونادى بأعلى صوته أنا الموت الأصفر أنا ضرار بن الأزور أنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>