للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كل جانب وخرج كردوس عظيم أكثر من مائتي فارس وجردوا السيوف وأتوا إلى خالد رضي الله عنه.

فلما رآهم خالد مقبلين إليه وثب وثبة الأسد وصاح بجواده وانتزع نفسه من البطريق بعد أن أحاطت به الروم وجاء كردوس ثان وخالد يضرب فيهم يمينا وشمالا وعدو الله بولص يصيح ويقول يا ويلكم خذوه قبل أن يفوتكم قال: وكان ضرار والفضل بن العباس وعلي بن عقيل وعبد الله بن المقداد وسليمان بن خالد رضي الله عنهم على كثيب قريب من الروم فلما رأوا الروم والسيوف بايديهم وقد أحاطوا بخالد ركضوا خيولهم وكان أول من ابتدر للحرب ضرار بن الأزور رضي الله عنه وهو ينشد:

عليك ربي في الأمور المتكل. ... اغفر ذنوبي أن دنا مني الأجل. ... يارب وفقني إلى خير العمل.

وعني امح سيدي كل الزلل. ... انا ضرار الفارس القرم البطل. ... باعي على الأعداء اضحى المنصل.

اقمع بسيفي الروم حتى يضمحل.

...

مالي سواك في الامور من أمل.

قال الراوي: حدثنا رفاعة بن قيس قال: حدثنا حامد بن عياض عن ابيه عن جده عن نافع بن علقمة الربعي قال كنت في القلب في عسكر عمرو يوم وقعة الروم بمرج دهشور قال بينما نحن ننظر إذ راينا السيوف جذبت وأحاطت بخالد بن الوليد فخرجنا كردوسا من أجاويد الرجال من طرف الميمنة وبادرناهم ولحقناهم وإذا قد سبق من ذكرنا يعني ضرارا والجماعة المذكورين فكان أول من قدم على الروم ضرار وهو عريان بسراويله قابضا على سيفه وهو يزأر كالاسد والقوم من ورائه متبعوه حتى وصلوا وضرار أمامهم وهو واثب على جواده وثبة الاسد مسرعا وهو يهز السيف وهو زاحف على بولص فارتعدت فرائصه وقال: يا خالد دعني من هذا الشيطان واقتلني أنت ولا تدعه يقتلني فإني أتشاءم من طلعته فقال هو قاتلك لا محالة هذا مبيد الأقران هذا قاتل وردان وملك التركمان ومبيد عبدة الصلبان ومن يكفر بالرحمن فبينما هم في المجاورة وإذا بضرار قد أقبل وهز سيفه وصرخ يا عدو الله لم تغن عنك خديعتك شيئا ولا غدرك بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أراد أن يضربه بسيفه فصاح به خالد اصبر يا ضرار حتى آمرك بقتله ووصلت إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل يبادر إلى قتله فقال لهم خالد: اصبروا قال: ونظر بولص لعنة الله إلى ما حل به وقد جذبه ضرار من قربوس سرجه واقتلعه وجلد به الأرض فغشى عليه فأشار بأصبعه وقال الأمان يا خالد فقال له خالد: يا كلب النصرانية لا يعطى الأمان إلا لأهل الأمان أنت رجل أردت أن تمكر والله خير الماكرين فلما سمع ضرار ذلك لم يمهله دون أن ضربه بالسيف على عاتقه الايمن فاطلع السيف يلمع من عاتقه الايسر فسقط عدو الله يخور في دمه وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار وتبادرت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعوا السيف فيهم فلما رأى الروم

<<  <  ج: ص:  >  >>