صاحبه وقد اشرف على الموت علم إنه أن لم يدركه هلك فقال لقومه يا قوم أن هذا الشيطان قد أكل من كبدي قطعة وإذا لم أقتله قتلت نفسي ولا بد لي من الخروج إليه قال فخرج في عشرة من البطارقة وهم مدرعون وفي ارجلهم أخفاف من الحديد وسواعد من الحديد وبأيديهم اعمدة من الحديد ووردان قد لبس لامته وعلى رأسه تاج عظيم فخرجوا ووردان أمامهم كأنه شعلة نار ونظر أصطفان إلى من خرج فصرخ بضرار فلم يلتفت إلى من خرج إليه إلا إنه تأهب فبينما هم كذلك إذ نظر خالد إلى القوم وخروجهم ونظر إلى التاج وهو يلمع على رأس صاحبهم فقال أن التاج لا يكون إلا على رأس الملك ولا شك إنه صاحب القوم قد خرج إلى صاحبنا فما الذي يقعدنا عن نصرته ثم قال لأصحابه: لا يخرج إلا عشرة حتى نساوي القوم فخرج خالد في عشرة أصحابه وأطلقوا الأعنة وقوموا الاسنة قال: ووصل الروم إلى ضرار فاستقبلهم بقلب اقوى من الحجر الجلمود قال فناداه خالد ابشر يا ضرار فقد اسعدك الجبار ولا تجزع من الكفار فقال ضرار رضي الله عنه ما اقرب النصر من الله وجاء خالد ومن معه والتقت الرجال بالرجال وانفرد كل واحد بصاحبه وطلب خالد وردان ولم يبرح ضرار عن خصمه اصطفان وقد كل ساعة وارتعدت فرائصه عندما نظر إلى خالد ومن معه فنظر يمينا وشمالا ليطلب الهرب فعلم ضرار منه ذلك فهجم عليه بسنانه فلما أيقن بالموت القى نفسه إلى الأرض وولى هاربا فبادر إليه ضرار والقى نفسه عن جواده وطلب عدو الله حتى لحقه وتقابضا على وجه الأرض وكان عدو الله كالصخر الجلمود وكان ضرار نحيف الجسم غير أن الله تعالى اعطاه قوة الإيمان فلما طال بهم العراك ضرب بيده إلى مراق بطنه وقلعه من الأرض بحيله وجلد به الأرض فصاح عدو الله وجعل يستنجد بوردان وقال بالرومية أيها السيد انجدني مما أنا فيه فقد هلكت فصاح وردان يا ويلك ومن ينقذني أنا من هؤلاء السباع الكاسرة فسمع خالد ذلك فطمع فيه وحمل على وردان وهم ضرار بخصمه ونظر إليهما الفريقان وأقبل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرار فلم يمهل خصمه دون حتى برك على صدره وذبحه مثل البعير وكل واحد مشتغل عن نصرة صاحبه قال فأخذ ضرار رأس عدو الله وهو ملطخ بالدماء وركب جواده وحملت الروم على المسلمين ونادى سعيد بن زيد يا معشر الناس اذكروا الوقوف بين يدي الله الملك الجبار فإياكم أن تولوا الأدبار فتستوجبوا دخول النار يا أهل الإيمان يا حملة القرآن اصبروا قال فزاد الناس بقوله نشاطا وتزاحم الفريقان قال: وجاء وقت العصر فافترقوا وقد قتل من الروم ثلاثة آلاف وعشرة من ملوكهم ومنهم رومان صاحب الأميرة ودمر صاحب نوى وكوكب صاحب ارض البلقاء ولاوى بن حنا صاحب غزة قال ثم افترق القوم ورجع وردان إلى مكانه وقد امتلأ قلبه رعبا مما ظهر له من المسلمين من شدة صبرهم وقتالهم فجمع البطارقة وقال لهم: يا أهل دين النصرانية ما.