للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الواقدي: ولما رأى المسلمون وسليمان بن خالد ما حل بأصحابه صار تارة يكر في الميسرة وتارة يكر في الميمنة وأعانه بالحملة عبد الله بن المقداد وبقية الصحابة وتقدم سليمان بن خالد وطعن بطريق اسنا طعنة صادقة فأرداه عن جواده وغاص في القلب.

قال: حدثنا أوس بن شداد عن علقمة بن سنان عن زيد بن رافع قال كنت في الخيل صحبة سليمان بن خالد وقد حجزنا المشركين وتقهقروا من بين أيدينا ولم نشعر أن لهم كمينا إذ خرج الكمين علينا وقاتلناهم قتال الموت وقتل منهم جماعة نحو ألفي فارس وقتل سليمان بن خالد من الصناديد والبطارقة من خيارهم نحو ثلاثين فارسا وكذلك عبد الله بن المقداد فأحاط بسليمان بن خالد رضي الله عنه كردوس نحو الفي فارس وعقروا جواده من تحته فضرب بالسيف فيهم حتى قطعت يده اليمنى فتناول السيف بيده اليسرى فضرب بها حتى قطعت فأحاطوا به فلما تيقن بالقتل التفلت وقال يعز عليك يا خالد بن الوليد ما حل بولدك هذا في رضا الله عز وجل وكان قد طعن في صدره نحو عشرين طعنة حتى قل حيله وسقط إلى الأرض ثم تنفس وقال الساعة نلقي الأحبة ولما رآه عبد الله بن المقداد على ذلك المصرع صاح لا حياة بعدك يا أبا محمد والملتقى في جنات عدن ثم غاص يقاتل فأحاطوا به واشتبكت عليه الاسنة وضرب ضربات كثيرة في وجهه وهو يقطع الرماح ويمسح الدم عن وجهه حتى سقط به الجواد وصاح واشوقاه اليك يا مقداد ثم تبسم وقال مرحبا ثم مات وايقنا كلنا بالموت وإن القيامة هناك وإذا بغبرة قد لاحت وانكشفت عن رايات إسلامية وعصائب محمدية وفي أوائل القوم القعقاع بن عمرو التميمي والمسيب بن نجيبة الفزاري وسمرة بن جندب والفضل بن العباس وزياد بن أبي سفيان وبنو هاشم وبنو عبد المطلب وسادات الأوس والخزرج وغانم بن عياض الاشعري ومن معه من الأمراء والسادات فلم يمهلوهم دون أن حملوا عليهم حملة رجل واحد حتى أجلوهم وقتل البطريق بولياص لعنه الله ومعه بطريق البطليوس وانهزمت الروم واتبعتهم المسلمون يقتلون ويأسرون وينهبون حتى بلغت الهزيمة إلى البحر اليوسفي ورموهم في البحر وغرق منهم جماعة كثيرة وقتل منهم في المعركة نحو أربعة آلاف واسروا نحو الف ومائتي أسير وهرب منهم إلى البطليوس جماعة واختفوا إلى الليل ودخلوا لبطليوس وأعلموه بذلك فضاقت عليه الدنيا وضاق صدره وحار في أمره واستعد للقاء المسلمين.

قال الواقدي: هذا ما جرى لهؤلاء وأما أهل طنبدا وأهل اسنا وكانوا لم يخرجوا ولم يقاتلوا فإنهم لما وردت عليهم الاخبار ومعهم البطارقة سألوا بطريقهم القتال وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>