للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصرانيا ولم يكن روميا وكان اسمه لوص وبه سميت البلد فأبى فلما انهزم البطارقة وخرج أهل طنبدا وأهل اسنا من السوقة والرعية وأولادهم وغيرهم وبكوا في وجوههم وقالوا: نحن قوم رعية وكنا مغلوبين على أمرنا فانا أهل ذمتكم ورعيتكم قالوا: بشرط أن تدلونا على من هربوا اليكم فأجابوهم إلى ذلك وصاروا يأخذون المسلمين ويدخلون الدور والمساكن ويقبضون على الروم ويسلمونهم إلى المسلمين وكان النصراني يقبض على الرومي ويأتي به إلى المسلمين حتى قبضوا من طنبدا واسنا نحو من ألف وخمسمائة رجل من المطأمير والابيار التي كانوا يحبسون فيها الاسارى من المسلمين وغيرهم ولما اجتمعت الاسارى من الروم والنصارى أمر غانم بن عياض بضرب رقابهم على تل هناك يعرف بالكوم ورجعت المسلمون إلى مكان المعركة فلما عاينوا القتلى ورأوا سليمان بن خالد وعبد الله بن المقداد وعبيدين الداري بكوا عليهم وعلى من قتل معهم من الأمراء رضي الله عنهم وحزنوا عليهم حزنا شديدا وأنشد عمار بن ياسر ينعي سليمان بن خالد وعبد الله بن المقداد ومن معهما بقوله:

يا عين أذري الدمع منك الصبيب. ... ثم اندبي يا عين فقد الحبيب.

وانعي لمقتول غدا في الفلا. ... مجندلا وسط الفيافي غريب.

وابكي سليمان ولا تغفلي. ... فأمره والله أمر عجيب.

قد كان لا يفكر كل العدا. ... أن سل من غمد لسيف قضيب.

وتحذر الاعداء من بأسه. ... لو أنهم أعداء رمل الكثيب.

فيا حمام الأيك نوحي إذا. ... على فتى قد كان غصنا رطيب.

وأعلمي بما جرى خالدا. ... لعله يبكي بدمع صبيب.

وأخبري المقداد من بعده. ... بأن عبد الله أضحى سليب.

بل واندبي الاخيار من بعدهم. ... وكل قرم للمعالي مصيب.

لا يلتقي البطليوس خيرا ولا. ... أجناده أبناء أهل الصليب.

قد كمنوا جيشا لنا عامدا. ... يوم الوغى من كل كلب مريب.

وحق من أعطى لنا نصره. ... في كل واد ثم فتحا قريب.

لنأخذن الثأر من جمعهم. ... جهرا ونطفي من فؤاد لهيب.

قال الواقدي: وإن غانما رضي الله عنه جمع الشهداء ودفنهم في ثيابهم ودروعهم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "يحشر الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله يوم القيامة وجراحاتهم تقطر دماء اللون لون الدم والريح ريح المسك".

<<  <  ج: ص:  >  >>