قال الواقدي: وأقام غانم رضي الله عنه بعد أن دفن الشهداء قريبا من التل والأمراء يشنون الغارات على السواحل وعدى بن جابر بن عبد الله الانصاري وأبو أيوب والمسيب بن نجيبة الفزاري في ألف فارس فأغاروا على أهل شرونة فخرج إليهم بطريق يعرف بصندراس الجاهل وبطريق أهريست في خمسة آلاف فارس واقتتلوا قتالا شديدا عند سفح الجبل فبلغ الخبر غانم بن عياض الاشعري فأرسل إليهم كتيبة أخرى صحبة بن المنذر والفضل بن العباس والمرزبان في ألف فارس فلما رأى الروم ذلك وقع الرعب في قلوبهم وكان بينهم حروب عظيمة ثم أن الفضل بن العباس قصد البطريق الجاهل وضربه ضربة هاشمية على رأسه فقطع الخودة والبيضة والرفادة إلى أن سمع خشخشة السيف في أضراسه فكبر وكبرت المسلمون لتكبيره فسقط عدو الله يخور في دمه وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار وكان الفضل بن العباس فارسا شديدا وبطلا صنديدا فغاص في وسط المشركين وفتك فيهم والمرزبان حمل على بطريق شرونة فقتله وحمل ابن المنذر على بطريق أهريت فقتله فلما رأى الروم ذلك ولوا الادبار وركنوا إلى الفرار وتبعتهم المسلمون يقتلون ويأسرون ينهبون إلى المكان المعروف بالدير وأهريت وغرق منهم خلق كثير وقتل منهم ألف وخمسمائة فارس وأسر منهم ألف وخمسمائة وتحصن منهم جماعة من الروم والنصارى في مدينة الجاهل وكانت حصينة فحاصرها المسلمون سبعة ايام وحرقوا الأبواب وهدموا الجدران وأخرجوهم من البيوت وأخرجوا تلك المدينة إلى يومنا وخرج إلى المسلمين نصارى من شرونة وأهرينت وعقدوا مع المسلمين صلحا وأعطوا الجزية وأنزلوا مرة الكلبى في مائتين من أصحابه وغيرهم وابن عمرو بن العاص في المكان المعروف ببناء خالد في مائتي فارس وعبر المسلمين البحر ونزل عامر بالعرب في مائتي فارس قريبا من طنبدا واسنا وببا القرية وارتحل غانم بن عياض رضي الله عنه ببقية الجيش ولما تكاملت المسلمون أرسل بين يديه المسيب بن نجيبة الفزاري والعباس بن مرداس السلمي والفضل بن العباس الهاشمي وعامر بن عقبة الجهني وزياد بن أبي سفيان بن الحرث في ألف وخمسمائة فارس فساروا إلى مكان يعرف بالجرنوس وكان هناك قلعة مرج للملك البطليوس وكان في زمن الربيع ينزل هناك بالخيام والمضارب حول القلعة وتجتمع عنده البطارقة ويقيم أشهرا ثم ينزل على الاقليم ثم يعود إلى البهنسا.
قال الواقدي: وأرسل لوص إلى البطليوس يطلب منه جيشا صحبته بطريق من بطارقته فأرسل إليه بطريقا كافرا لعينا اسمه شلقم وبه سميت البلد التي هي قريب من البهنسا وكان الجيش عشرة آلاف فارس والله أعلم.