للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان المغيرة رضي الله عنه أصيب في احدى عينيه يوم اليرموك فقال له المغيرة: أن ذلك لا يعيبني ولقد أصيبت عيني في الجهاد في سبيل الله من كلب مثلك وأخذت بثأري من الذي فعل بي ذلك فقتلته وقتلت جملة منهم والثواب من الله عز وجل أعظم من ذلك فقال البطليوس ما أحذق جوابك فهل في قومك مثلك قال قد قلت لك فينا أهل العلم والرأي ومن لا أساوي في علمهم شيئا وأنا رجل بدوي فلو رأيت علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم المختار مقاتل الكفار ومبيد الفجار والليث الكرار والبطل المغوار قال أهو معكم في هذا الجيش فقد سمعت بشجاعته وبراعته وأريد أن أنظر إليه.

فقال له المغيرة: قاتلك الله أن الامام عليا كرم الله وجهه أعظم قدرا من أن يسير إلى مثلك قال فهل أحد غيره قال: نعم مثل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو خليفتنا وعثمان بن عفان وعبد الرحمن وسعيد وسعد وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم وأمراء متفرقين في الحجاز واليمن والشام والعراق ومصر كل أمير يقوم بألف مثلك في الشجاعة والبراعة وغير ذلك وأما سيف الله الأمير خالد بن الوليد أمير هذا الجيش ومعه عصابة من الأمراء فكأنك به وقد أقبل علينا برجال سادات شداد وأمراء أمجاد فقال له عند ذلك: إني أريد أن أصلح الامر بيني وبينكم وأريد قبل الحرب أن انظر إلى جماعة ممن ذكرت.

قال الراوي: وكان عدو الله أراد أن يغدر بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففهم المغيرة منه ذلك فقال غداة غد آتيك منهم برجال تنظر إليهم قال ففرح عدو الله وأضمر المكر لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد الله كيده في نحره.

قال الراوي: ثم وثب المغيرة وأصحابه وخرجوا من عند البطليوس وما صدقوا بالنجاة وركبوا خيولهم وأمر البطليوس حجابه ونوابه أن يسيروا معهم إلى قريب من عسكرهم قال: ووصل المغيرة وأصحابه إلى الأمير عياض بن غانم الاشعري وحدثه بما جرى له مع البطليوس فقال عياض وحق صاحب الروضة والمنبر ما ترككم إلا خوفا من سيوفكم وهذا رجل حكيم إلا أن الشيطان قد غلب على عقله.

قال الراوي: ولم يناموا تلك الليلة إلا وقد أخذوا أهبتهم للحرب واستعدوا فلما أصبح الصباح أذن المؤذنون في عسكر المسلمين فأسبغوا الوضوء وصلوا الصبح ثم ركبوا خيولهم وقد علموا أن العدو مصبحهم وقد عبوا صفوفهم وكانت الجواسيس من العرب يدخلون في عسكرهم وينقلون الاخبار ووصلت جواسيس عياض بن غانم إليه وأعلموه بذلك وإن الروم متأهبون للقتال فرتب جيشه ميمنة وميسرة فجعل في الميمنة

<<  <  ج: ص:  >  >>