للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلت ما أقول لك قال: ما هو قال تشهد أن لا إله إلا الله وإن محمدا عبده ورسوله قال البطليوس لا سبيل إلى ذلك ولكن أردت أن أصلح الامر بيني وبينكم قال المغيرة رضي الله عنه الامر إلى الله وأما قولك لنا انا أهل فقر وبؤس وضر فقد كنا كذلك وكنا أهل جاهلية لا يملك أحدنا غير فرسه وقوسه وابله وكنا لا نعظم إلا الاشهر الحرم حتى بعث الله الينا نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم نعرف اصله ونسبه صادقا أمينا نقيا اماما رسولا أظهر الإسلام وكسر الاصنام وختم به النبيين وعرفنا عبادة رب العالمين فنحن نعبد الله ولا نعبد غيره ولا نتخذ من دونه وليا ولا نصيرا ولا نسجد إلا لله وحده لا شريك له ونقر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقد أمرنا أن نجاهد من كفر بالله واتخذ مع الله شريكا جل ربنا وعلا وهو واحد لا تأخذه سنة ولا نوم فمن اتبعنا كان من اخواننا وله ما لنا وعليه ما علينا ومن أبى الإسلام فالجزية يؤديها عن يد وهو صاغر فمن أداها حقن الله دمه وماله ومن أبى الإسلام والجزية فالسيف حكم بيننا وبينه والله خير الحاكمين وهي على كل محتلم في العام دينار وليس على من يبلغ الحلم جزية ولا على امرأة ولا على راهب منقطع في صومعته فقال البطليوس لقد فهمت قولك عن الإسلام فما قولك عن الجزية عن يد وهو صاغر فإني لا أدري ما الصغار عندكم فقال المغيرة رضي الله عنه وأنت قائم والسيف على رأسك فلما سمع البطريق كلام المغيرة غضب غضبا شديدا ووثب قائما ووثب المغيرة من موضعه وانتضى سيفه من غمده وكذلك فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كفعله وهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله.

قال الراوي: حدثنا مسلم بن عبد الحميد عن طارق بن هلال عن عبد الله بن رافع قال كنا مع المغيرة وجذبنا السيوف ووثبنا على القوم وأخذتنا غيرة الإسلام وما في أعيننا من جيوش البطليوس شيء وعلمنا أن المحشر من ذلك الموضع فلما رأى البطليوس منا ذلك وتبين له الموت من شفار سيوفنا نادى مهلا يا مغيرة لا تعجل فنهلك وأنا أعلم إنك رسول والرسول لا يقتل وإنما تكلمت بما تكلمت لاختبركم وأنظر ما عندكم والآن لا نؤاخذكم فاغمدوا سيوفكم قال فأغمدنا سيوفنا وتقدم المغيرة حتى صار في مكان البطليوس وزحزحه إلى آخر السرير وكان المغيرة رجلا جسيما فاتكأ عليه حتى كاد أن يخلع فخذه من موضعه قال ثم التفت إلى المغيرة وقال: ما قولكم في المسيح بن مريم قال المغيرة عبد الله ورسوله قال فمن أي شيء خلق قال خلقه الله من تراب ثم قال له: كن فكان ودل على ذلك القرآن العظيم قال عز وجل: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران:٥٩] قال فما الدليل على أن الله واحد فقال المغيرة: القرآن العظيم قوله تعالى على لسان نبيه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الاخلاص: ١, ٤] فقال له البطليوس: ما رأيت مثل حذقك وجوابك يا أعور.

<<  <  ج: ص:  >  >>