للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونعبد الله وجه لا شريك له ولو أذنب الرجل منا ذنوبا تبلغ مثل الجبال فتاب قبلت توبته وإن مات مسلما فله الجنة قال فتغير لون البطليس ثم سكت قليلا وقال الحمد الله الذي ابتلانا بأحسن البلاء وأغنانا من الفقر ونصرنا على الامم الماضية ولقد كانت جماعة منكم قبل اليوم يأتون إلى بلادنا فيمتارون البر والشعير وغيره ونحسن إليهم وكانوا يشكرونا على ذلك وأنتم جئتمونا بخلاف ذلك تقتلون الرجال وتسبون النساء وتغنمون المال وتنهبون المدائن والحصون والقلاع وتريدون أن تخرجونا من بلادنا وديارنا وأنتم لم تكن أمة من الامم أضعف حالا منكم لانكم أهل الشعير والدخن وجئتم بعد ذلك تطمعون في بلادنا وأموالنا وحولنا جنود كثيرة وشوكتنا شديدة وعصابتنا عظيمة ومدينتنا حصينة والذي جرأكم علينا أنكم ملكتم الشام والعراق واليمن والحجاز وارتحلتم إلى بلادنا وافسدتم كل الفساد وخربتم المدائن والقلاع ولبستم ثيابا فاخرة وتعرضتم لبنات الملوك والبطارقة وجعلتموهن خدما لكم واكلتم طعاما طيبا ما كنتم تعرفونه وملأتم أيديكم بالذهب والفضة والمتاع الفاخر واللآلىء والجواهر ومعكم متاعنا وأموالنا التي من قومنا وأهل ديننا ونحن نترك لكم ذلك جميعه ولا ننازعكم عليه ولا نؤاخذكم بما تقدم من فعلكم من قتل رجالنا ونهب أموالنا والآن فارحلوا عنا واخرجوا من بلادنا فإن فعلتم فتحنا خزائن الاموال وأمرنا لكل رجل منكم بمائة دينار وثوب حرير وعمامة مطرزة بالذهب ولأميركم هذا ألف دينار وعشرة عمائم وعشرة ثياب ولكل أمير منكم كذلك وللخليفة عليكم عشرة آلاف دينار ومائة ثوب حرير ومائة عمامة بعد أن نستوثق منكم بالإيمان إنكم لا تعودون إلى الاغارة على بلادنا هذا كله والمغيرة ساكت فلما فرغ البطليوس من كلامه قال له المغيرة: قد سمعنا كلامك فاسمع كلامنا ثم قال الحمد لله الواحد القهار الفرد الصمد الذي: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الاخلاص: ٣, ٤] فقال له البطليوس: نعم ما قلت يا بدوي فقال المغيرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المرتضى ونبيه المجتبى فقال له البطليوس: لعنه الله لا أدرى أن محمدا رسول الله ولعله كما يقال حبيب الرجل دينه ثم التفت إلى المغيرة وقال: يا عربي ما أفضل الساعات فقال ساعة لا يعصي الله فيها قال صدقت يا أخا العرب لقد بان لي رجحان عقلك فهل في قومك من له رأي مثل رأيك وحزم مثل حزمك قال: نعم في قومنا وعسكرنا أكثر من ألف رجل لا يستغني عن رأيهم ومشورتهم وخلفنا أمثال ذلك وهم قادمون الينا عن قريب.

فقال البطليوس ما كنا نظن ذلك منكم وإنما بلغنا عنكم إنكم جماعة جهال لا عقول لكم فقال المغيرة كنا كذلك حتى بعث الله فينا محمدا صلى الله عليه وسلم فهدانا وأرشدنا فقال البطليوس لقد أعجبني كلامك فهل لك في صحبتي فقال المغيرة يسرني ذلك إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>