موضعه وعلى بدنه درع مذهب وفي وسطه منطقة من الجوهر وعلى رأسه تاج تلمع جواهره كالكواكب والصلبان والاعلام مشتبكة على رأسه وقد حمل كردوس من الروم على ميمنة المسلمين فصبروا لهم صبر الكرام ثم حمل كردوس آخر فلله در الفضل بن العباس وأخيه عبيد الله وأولاد عقيل وعبد الله بن جعفر وسادات بني هاشم لقد قاتلوا قتالا شديدا وأبلوا بلاء حسنا وتقدم الفضل إلى حامل الصليب وطعنه في صدره فأطلع السنان يلمع من ظهره وسقط الصليب منكسا إلى الأرض فنظر إليه البطليوس فايقن بالهلاك وهم أن يأخذه فلم يجد لذلك من سبيل قال فأحاط به المسلمون وصار الفضل وسادات بني هاشم يذبون ويرجعون الروم عن الصليب ولما رأى الفضل ازدحام النصارى والروم حمل عليهم حملة منكرة وأسعفه بنو عمه بالحملة والأمراء فقهروا الروم وقتلوا منهم جماعة وازدحم المسلمون على الصليب يريدون أخذه فقال لهم الفضل: أنه لي دونكم ثم عطف عليه ومال في ركابه وأخذ الصليب وكر راجعا إلى المسلمين وسلمه لعبد الله يسلمه لعبده مقبل وكان راكبا مع المسلمين فأخذه ومضى إلى خيمته قال: وحمل الفضل بن العباس ثانيا وحملت الأمراء واشتد القتال وعظم النزال وسالت الدماء وكثر العرق وازورت الحدق قال: ولما رأى عدوالله البطليوس ذلك حمل على المسلمين ومعه طائفة من البطارقة نحو خمسة آلاف وكانوا على جناح الميسرة فقتلوا من المسلمين جماعة وجرحوا جماعة وصبروا لهم صبر الكرام.
هذا والفضل رضي الله عنه تارة يكر في الميمنة وتارة يكر في الميسرة وحمل الأمراء جميعهم فلله در القعقاع بن عمرو التميمي والمسيب بن نجيبة الفزاري والبراء بن عازب ومعاذ بن جبل وزيد الخيل لقد قاتلوا قتالا شديدا حتى بقي الدم على دروعهم كقطع أكباد الابل وتوسط المسلمون كتيبة منهم فبرز بطريق عظيم الخلقة كأنه برج فحمل عليه سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد أن يضربه وسطا عليه وإذا بضربة أتته من خلفه فأردته عن جواده وسقط الرمح مشتبك في أضلاعه وخشخش الرمح في عظم ظهره ثم جذب الرمح وهو ملقى على الأرض ونزل جماعة وأخذوا سلبه قال فتأملنا من ضرب البطريق فإذا هو زياد بن أبي سفيان رضي الله عنه قال فلما رأى الروم ذلك حملوا حملة منكرة وقامت الحرب على ساق واحدة وضربت الاعناق وشخصت الاحداق وتضاربوا بالصفاح وتطاعنوا بالرماح واشتد الكفاح ورطنت الروم بلغتهم ولم يزالوا في قتال ونزال حتى غابت الشمس وافترق الجمعان وقد قتل من قتل من المسلمين نحو مائتين وخمسين ختم الله لهم بالشهادة ونالوا درجة السعادة وبات الفريقان يتحارسون والمسلمون يقرءون القرآن ويصلون على محمد أشرف ولد عدنان قال: وإن المسلمين أوقدوا النيران وأتوا إلى مكان المعركة وميزوا القتلى فلما