منه الماء يجري من البحر تحت الأرض إلى تحت سور المدينة من جهة القبلة ويدخل المدينة ويظهر من الجهة البحرية من خارج البلد فلما رآه العبد رجع وأعلم الأمير خالدا فمضى معه ورأى ذلك ففرح بذلك فرحا شديدا ثم أتى إلى الأمراء واعلمهم بذلك وقال: وقال لهم: أريد منكم مائة رجل قد باعوا أنفسهم لله عز وجل فيمضون معي وجماعة شداد يكونون مقابل الباب فإذا فتحنا الأبواب دخلوا الينا فانتدب منهم مائة رجل من خيار القوم منهم عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وزيد بن ثابت وعقبة بن عامر ومسلم بن عقيل وزياد بن أبي سفيان وأخوه هبار والمسيب بن نجيبة وأخوه والمقداد ابن الاسود ورافع وأبو رزين العقيلي ومثل هؤلاء السادات وقد اقتصرنا في أسمائهم خوف الاطالة ورتب خالد رضي الله عنه عبد الله بن جعفر والزبير بن العوام وابنه عبد الله والفضل بن العباس والفضل بن أبي لهب وضرار بن الازور ومثل هؤلاء مقابل الباب وصبروا إلى غروب الشمس وأتوا إلى ذلك السرب ودخلوا إليه في الماء كل واحد بسراويله وسيفه وكان أولهم الأمير خالد وكل من دخل يدع سيفه وحجفته مع صاحبه حتى يدخل ويأخذهما حتى دخل ثمانون رجلا ورجع عشرون لم يسعهم السرب وضاق عليهم فولوا وهم متأسفون لما فاتهم من الشهادة والفتح وتواثبت الأمراء المذكورون وأخفوا نفوسهم تحت الجدار إلى جزء من الليل فتبادورا إلى الباب فوجدوه موثقا من داخله فعالجوا الاقفال والروم سكارى ففتحوا الباب وذبحوا كل من وجدوه في دهليز الباب وكانوا ستين رجلا ثم علوا على السور وجماعة منهم أخذوا المفاتيح ففتحوا الباب وثاروا على الروم فقتلوا جماعة منهم في أعلى البرج وقتلوا بطريق البرج وأعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير فأجابهم المسلمون بمثل ذلك ودخلوا من الباب إلى سوق المدينة وتبادرت جماعة إلى القصر فلما أحس عدو الله بذلك وإن المسلمين ملكوا عليه الأبواب وضع منديلا في عنقه وخرج وهو يقول الامان الامان وفعل جماعة كذلك فأبى خالد ووضع السيف فيهم وقاده أسيرا وقال له: يا عدو الله لا أمان لك عندي إلا أن تسلم وقبض على جماعة من بطارقته ووضع السيف فيهم وقتل من الروم نحو ثلاثة آلاف وقتل من المسلمين في تلك الليلة في وسط البلد مائة وأربعة وثمانون رجلا قريبا من سوق المدينة وعند الأبواب وعند القصر وجاء عياض ومعه جماعة من الأمراء فشكا إليهم أهل البلد وقالوا: الامان فرق لهم الأمير عياض وصار عدو الله يتملق بين أيديهم فغلبوا على رأي خالد حتى صالحهم على ألف مثقال من الذهب الابريز وألف ألف أوقية من الفضة البيضاء وعشرة آلاف وسق من البر والشعير والجزية من العام القابل وخالد لا يطمئن قلبه إلى شيء من ذلك وغلب الأمراء على رأيه وجاءوه وقالوا له: لقد أضر بنا المقام بهذا البلد فما نراك إلا أشفق منا علينا ونرى من الرأي أن