ترسل إلى عمرو وتعلمه بذلك وهذا الكلب وجماعته موثقون إلى أن يجيء الجواب فعندها كتب خالد كتابا إلى عمرو يخبره بذلك.
فلما بلغه ذلك رد لهم الجواب أنهم يستوثقون منه بالإيمان ويأخذون منه ما صالحهم عليه ويتركونه ومن صاح الغوث الغوث فاتركوه والا نفر منكم أهل الصعيد ففعل خالد وقلبه نافر وأطلقه بعد ما استوثق منهم بالإيمان في كتبهم المذكورة وأطلقوه وشرط عليهم أن لا ينزل عندهم أحد إلا من يقبض المال فخرجوا إلى ظاهر المدينة وبقي عنده فضالة بن زيد السلمي وعون بن ساعدة الكندي ومقوم بن سعيد الجهني ومائتان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج الميرة والعلوفة وصار كل يوم يركب ويتودد إلى الأمراء ووهب وأعطى ولم يترك أميرا إلا خادعه حتى طابت نفوسهم عليه إلا خالدا والفضل بن العباس والمقداد وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق والزبير بن العوام فإنهم لم تطب نفوسهم إليه وأقاموا شهرين على ذلك وأرسل جميع الغلال إلى خزينته في هذا الزمن وخزن ما يحتاج إليه واستدعى بكبار قومه ومن يثق به واتفق رايهم على قتل المسلمين والغدر بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصبروا إلى أن مضى جزء من الليل وهجم على المسلمين على حين غفلة في ألف بطريق وأوثقهم كتافا وجعل في أفواههم الاكر وفتح الأبواب وأدخلهم المدينة وهجم على المسلمين ووضع السيف فيهم وهم رقود فما انتبهوا إلا والسيف يقطع في نحورهم وكانت وقعة عظيمة وثار خالد بمن معه وكان الزبير راقدا فسمع الصياح فقال دهينا ورب الكعبة ثم ركب وركبت معه زوجته وقاتلت النساء قتالا شديدا وعدو الله تارة يكر ميمنة وتارة يكر ميسرة والسيف يعمل والرجال تقتل وكانت ليلة شديدة وصار خالد يقول يا قوم أما قلت لكم فما سمعتم لخالد والتجأ زياد بن أبي سفيان وأخوه هبار وميسرة ابن مسروق وفضالة بن عبد شمس وعقيب بن يعقوب وعبادة بن تميم وجندبة الكلبي إلى تل هناك وأحاط بهم طائفة من الروم من كل مكان فقاتلوا قتالا شديدا وانحدر زياد رضي الله عنه من التل وتبعه أصحابه فأحدقت بهم الروم وداروا بهم دوران السور بالمعصم وقتلوا زيادا وجميع من ذكرنا من الأمراء وقاتلت نسيبة الانصارية أم أبان وأسماء ابنة أبي بكر ونعمانة ابنة المنذر ونظائرهن في تلك الليلة قتالا شديدا وقتل جماعة من المسلمين وأتى خالد وحمل عليهم وجعل يقلب الميمنة على الميسرة والميسرة على الميمنة قال: وأطبق عليهم هو وجميع الأمراء فهزموهم إلى الأبواب وقد قتلوا منهم مقتلة عظيمة وهرب عدو الله وتحصن هو وقومه وغلقوا الأبواب ولما أصبح أمر بالحصار وأمر باحضار المأسورين وصعد بهم إلى أعلى البرج وضرب رقابهم فشق ذلك على المسلمين وصعب عليهم ما فعل عدو الله بأصحابهم وأتى خالد رضي الله عنه ومعه بقية الأمراء إلى مكان المعركة فوجدوا الشهداء مطروحين ووجدوا زيادا رضي الله عنه وفيه عشرون طعنة بالرمح وأربعون ضربة بالسيف والى جانبه