فبادرته في الحال حتى تركته. ... صريعا عليه الغانيات تنوح.
وعاجلته في الرأس مني بضربة. ... فأضحى بها شطرين ملقى ومطرح.
وعاد بسيف ابن الوليد مجندلا. ... تمر به كل الحوادث تفلح.
ولما فني بطلوسهم صار جمعهم. ... كما شبه أغنام وغاب المسرح.
وقد كان في بحر الهياج مغلغلا. ... تولى سرايا قومنا منه مرح.
فلله ما أعداه قد كان فارسا. ... يفوق على جيش عظيم ويرجح.
وقد فرحت أكبادنا وترنمت. ... لعمرك والاكباد بالنصر تفرح.
أقمنا بأرض البهنسا بعد فتحها. ... ثلاثين يوما للمساجد نصلح.
وصرت إلى أرض الصعيد معاجلا. ... بألفين من خيل الصحابة ترمح.
من البهنسا لاسوان جمعا فتحتها. ... بعشر شهور بعدها ليس تلمح.
وعندي الثلاثون الذي شاع ذكرها. ... وكل فتى يا صاح بالالف يرجح.
ورحنا فتحنا الهند والسند كله. ... وأسيافنا في الغمد لله تسبح.
وفي كل أرض عسكر قد تركته. ... يقيمون دين الحق والحق يوضح.
وهذا كلام ابن الوليد الذي جرى. ... فكن سامعا معنى الذي لك أشرح.
فما مثله في معمع الحرب سيد. ... ولا مثله في جوهر النظم أفصح.
ومن بعدذا صلوا على أشرف الورى. ... نبي له كل البرية تجنح.
عليك سلام الله ما لاح بارق. ... وما غرد القمري إذ الصبح يطفح.
وأصحابه والآل والعترة التي. ... أقاموا لدين الله والشرك زحزحوا.
قال الراوي: وصار المسلمون يصعدون إلى البيت ويأخذون الرجال من بين حريمهم من الروم ويقتلونهم حتى كلت سواعدهم من الذبح وجرى الدم في الازقة وصارت القتلى في الشوارع والاسواق مطروحين وخرجت إليهم النصارى والقبط وهم يبكون ويقولون نحن أهل ذمتكم ونحن عوام وتجار وسوقة وكلنا مغلوبون على أمرنا وقتل خيارنا باسيافكم وبقية الأمراء ويقولون هؤلاء قد صاروا رعيتنا وليس لهم بطش فتركوهم وقالوا: بشرط أن تدلونا على من أخفى نفسه في المغاير والمخابي ومن فر من الباب الشرقي وغرق في الماء فدلوهم على الجميع ولم يزالوا يقتلون ذلك اليوم كله وفي اليوم الثاني استدعوا بنجارين يعملون عربات لحمل القتلى من المسلمين وأخذوا دواب أهل السواد من البقر تسحب العربات والفلاحون عملوا عليها وصاروا يضعون كل ثمانية وستة وعشرة في حفيرة ويردون عليم الرمل حتى صاروا تلالا وشهروا قبورهم