للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الحرس إلى أن برق الصباح وصلى كل أمير بمن معه من قومه وصلى أبو عبيدة بمن معه ثم أمر أصحابه بالزحف وقال لهم: لا تخلوا عن القتال واركبوا الخيل.

حدثني رفاعة بن قيس قال سألت والدي قيسا وكان ممن حضر فتوح دمشق الشام فقلت له: أكنتم تقاتلون في دمشق خيالة أو رجالة يوم حصار المسلمين فقال: ما كان أحد منا فارسا إلا زهاء الفي فارس مع ضرار بن الأزور وهو يطوف بهم حول العسكر وحول المدينة وكلما أتى بابا من الأبواب وقف عنده وحرض أهله على القتال وهو يقول: صبرا صبرا لاعداء الله قال: وأقبل توما صهر الملك هرقل من بابه الذي يدعى باسمه وكان عندهم عابدا راهبا ولم يكن في بلاد الشرك أعبد منه ولا أزهد في دينهم وكان معظما عند الروم فخرج ذلك اليوم من قصره والصليب الأعظم على رأسه وعلا به فوق البرج وأوقف البطارقة حوله والإنجيل تحمله ذوو المعرفة قال: ونصبوه بالقرب من الصليب ورفع القوم أصواتهم وتقدم توما ووضع يده على أسطر من الإنجيل وقال اللهم أن كنا على الحق فانصرنا ولا تسلمنا لاعدائنا واخذل الظالم منا فانك به عليم اللهم اننا نتقرب إليك بالصليب ومن صلب على دينه وأظهر الايات الربانية والأفعال اللاهوتية انصرنا على هؤلاء الظالمين قال: وأمن الناس على دعائه قال رفاعة بن قيس هكذا حدثني شرحبيل بن حسنة كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي فسر لنا هذا الكلام روماس صاحب بصرى وكان في جيش شرحبيل بن حسنة يقاتل على باب توما وكلما قال الروم شيئا بلغتهم فسره لنا قال ونهض شرحبيل وقصد الباب بحملته وقد عظم عليه قول توما اللعين وقال له: يا لعين لقد كذبت أن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من ترابأحياه متى شاء ورفعه متى شاء ثم أن روماس ناوشه بالقتال فقاتل توما قتالا شديدا وهشم الناس بالحجارة ورمى النشاب رميا متداركا فجرح رجالا وكان ممن جرح أبان بن سعيد بن العاص أصابته نشابة وكانت مسمومة فأحس بلهيب السم في بدنه فتأخر وحمله اخوانه إلى أن أتوا به إلى العسكر فأرادوا حل العمامة فقال: لا تحلوها فإن حللتم جرحي تبعتها روحي أما والله لقد رزقني الله ما كنت أتمناه قال فلم يسمعوا قوله وحلوا عمامته فلما حلوها شخص إلى السماء وصار يشير باصبعيه أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون فما استتمها حتى توفي إلى رحمة الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>