المشركون التكبير ذهلوا وعلموا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حطوا معهم في المدينة وأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدوا الباب وكسروا الأقفال وقطعوا السلاسل ودخل خالد بن الوليد ومن معه من المسلمين ووضعوا السيف في الروم وهم مختلفون بين يديه إلى أن وصل إلى كنيسة مريم وخالد بن الوليد يأسر ويقتل.
قال الواقدي: والتقي الجمعان عند الكنيسة جيش خالد وجيش أبي عبيدة وأصحابه سائرون والرهبان سائرون بين ايديهم وما أحد من أصحاب أبي عبيدة جرد سيفه فلما نظر خالد إليهم ورأى أن لا أحد منهم جرد سيفه بهت وجعل ينظر إليهم متعجبا قال فنظر إليه أبو عبيدة وعرف في وجهه الإنكار فقال أبا سليمان قد فتح الله على يدي المدينة صلحا وكفى الله المؤمنين القتال.
قال الواقدي: ما خاطب أبو عبيدة خالدا يوم الفتح بدمشق إلا بالأمارة فقال: أيها الأمير قد تم الصلح فقال خالد: وما الصلح لا أصلح الله بالهم وأنى لهم الصلح وقد فتحتها بالسيف وقد خضبت سيوف المسليمن من دمائهم وأخذت الأولاد عبيدا وقد نهبت الأموال فقال أبو عبيدة: أيها الأمير اعلم إني ما دخلتها إلا بالصلح فقال له خالد بن الوليد: إنك لم تزل مغفلا وأنا ما دخلتها إلا بالسيف عنوة وما بقي لهم حماية فكيف صالحتهم قال أبو عبيدة: اتق الله أيها الأمير والله لقد صالحت القوم ونفذ السهم بما هو فيه وكتب لهم الكتاب وهو مع القوم فقال خالد: وكيف صالحتهم من غير أمري وأنا صاحب رايتك والأمير عليك ولا أرفع السيف عنهم حتى افنيهم عن آخرهم فقال أبو عبيدة: والله ما ظننت أن تخالفني إذا عقدت عقدا ورأيت رأيا فالله الله في أمري فوالله لقد حقنت دماء القوم عن آخرهم واعطيتهم الأمان من الله جل جلاله وامان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رضي من معي من المسلمين والغدر ليس من شيمنا قال وارتفع الصياح بينهما وقد شخص الناس إليهما وخالد مع ذلك لا يرجع عن مراده ونظر أبو عبيدة إلى ذلك فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خالد وهم جيش البوادي من العرب مشتبكون على قتال الروم ونهب أموالهم قال فنادى أبو عبيدة واثكلاه خفرت الله ونقض عهدى وجعل يحرك جواده ويشير إلى العرب مرة يمينا ومرة شمالا وينادي معاشر المسلمين اقسمت عليكم برسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تمدوا ايديكم نحو الطريق الذي جئت منه حتى نرى ما نتفق أنا وخالد عليه فلما دعاهم بذلك سكتوا عن القتل والنهب واجتمع إليهما فرسان المسلمين والأمراء وأصحاب الرايات مثل معاذ بن جبل رضي الله عنه ويزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه وعمرو ابن العاص رضي الله عنه وشرحبيل بن حسنة رضي الله عنه وربيعة بن عامر رضي الله عنه وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أجمعين ونظرائهم والتقوا عند الكنائس.