للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرأيت ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه" قال: "وعرشه على الماء، وبيده الأخرى القبض يرفع ويخفض" ١.

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} ٢ وهذه الآية صرحت بأن لله يداً تكون فوق أيدي المبايعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى عند قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ٣.

إن لفظ اليد جاء في القرآن على ثلاثة أنواع: مفرداً، ومثنى، ومجموعاً.

فالمفرد كقوله تعالى: {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ٤.

والمثنى كقوله تعالى: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} .

والمجموع كقوله تعالى: {عَمِلَتْ أَيْدِينَا} ٥ فحيث ذكر اليد مثناة أضاف الفعل إلى نفسه بضمير الإفراد وعدي الفعل بالباء إليهما وقال: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ، وحيث ذكرها مجموعة أضاف الفعل إليها ولم يعد الفعل بالباء فهذه ثلاثة فروق فلا يحتمل {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} من المجاز ما يحتمله {عَمِلَتْ أَيْدِينَا} فإن كل أحد يفهم من قوله {عَمِلَتْ أَيْدِينَا} ما يفهمه من قوله عملنا وخلقنا كما يفهم ذلك من قوله: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} ٦ وأما قوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فلو كان المراد منه مجرد الفعل لم يكن لذكر اليد بعد نسبة الفعل إلى الفاعل معنى فكيف وقد دخلت عليها الباء فكيف إذا ثنيت، وسر الفرق أن الفعل قد يضاف إلى يد ذي اليد والمراد الإضافة إليه كقوله: {بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} ٧ و {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} . وأما إذا أضيف إليه الفعل ثم عدي بالباء إلى اليد مفردة فهو مما باشرته يده ولهذا قال عبد الله بن عمر: "إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثاً خلق آدم بيده، وغرس جنة الفردوس


١- ٢/٦٩١.
٢- سورة الفتح آية: ١٠.
٣- سورة ص آية: ٧٥.
٤- سورة الملك آية: ١.
٥- سورة يس آية: ٧١.
٦- سورة الشورى آية: ٣٠.
٧- سورة الحج آية: ١٠.

<<  <   >  >>