للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما بين لنا تعالى أن خلقه الأنعام من نعمه التي توجب أنه المتفرد بالخلق والوحدانية ولا يشرك به غيره في العبادة.

قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ} ١.

قال العلامة ابن كثير: يذكر تعالى ما أنعم به على خلقه من هذه الأنعام التي سخرها لهم {فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ} قال قتادة: مطيقون أي جعلهم يقهرونها وهي ذليلة لهم لا تمتنع منهم بل لو جاء صغير إلى بعير لأناخه ولو شاء لأقامه وساقه وذاك ذليل منقاد معه وكذا لو كان القطار مائة بعير أو أكثر لسار الجميع بسير الصغير وقوله تعالى: {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ} أي منها ما يركبون في الأسفار ويحملون عليه الأثقال إلى سائر الجهات والأقطار {وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} إذا شاؤوا نحروا واجتزروا {وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} أي من أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين {وَمَشَارِبُ} أي من ألبانها وأبوالها لمن يتداوى ونحو ذلك {أَفَلا يَشْكُرُونَ} أي أفلا يوحدون خالق ذلك ومسخره ولا يشركون به غيره. أ. هـ٢.

وقال تعالى: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} ٣.

وفي هذه الآية يمتن الله على عباده بخلقه لهم الأنعام وما فيها من المنافع الكثيرة وذلك من حججه على الناس حيث خلقها لهم وسخرها لهم وجعل لهم من أصوافها وأوبارها وأشعارها ملابس يستدفئون بها من البرد ويشربون من ألبانها وجعل لهم ظهور بعضها مركباً وصنف منها يأكلون لحومها كالإبل والبقر والغنم وسائر ما يؤكل لحمه من غيرها٤.

وقد أمر الله عباده بالنظر في مخلوقاته الدالة على قدرته وعظمته ومن بين تلك المخلوقات التي أمر بالنظر إليها الإبل. قال تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} ٥.


١- سورة يس آية: ٧١ ـ ٧٣.
٢- تفسير القرآن العظيم ٥/٦٣٠.
٣- سورة النحل آية: ٥.
٤- جامع البيان في تأويل آي القرآن ٢٤/٧٨.
٥-سورة الغاشية آية: ١٧ ـ ٢٠.

<<  <   >  >>