للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ ـ إنزال المطر وإنبات النبات:

من دلائل الربوبية التي وردت في السورة إنزال المطر من السماء وإنبات النبات قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ} .

في هذه الآية من السورة أشار ـ سبحانه ـ إلى دليل حسي ملموس متكرر ومشاهد على قدرته ولطفه وعلى أنه الرب الذي يشمل إحسانه وإنعامه ورحمته جميع مخلوقاته حيث ينزل لهم المطر من السماء فيدخله جل وعلا في ينابيع١ في الأرض، ثم يخرج به من الأرض الزروع المختلفة في ألوانها من الخضرة والصفرة والحمرة والبياض، والمتنوعة في أجناسها من البر والشعير والتمر والعنب ثم لفت الأنظار إلى ما يصيب ذلك الزرع من الاصفرار بعد نضرته وبهجته حيث تتغير وتذهب بهجته وخضرته فيصيره حطاماً متفتتاً متكسراً ... ثم بين بأن في هذه الأحوال المتقدمة العبرة والإتعاظ والتذكير لأهل العقول السليمة٢ الذين يتذكرون بذلك فيوقنون بأن من فعل كل ذلك "لا يتعذر عليه إحداث ما شاء من الأشياء وإن شاء ما أراد من الأجسام والأعراض وإحياء من هلك من خلقه من بعد مماته وإعادته من بعد فنائه كهيئته التي كان عليها قبل فنائه كما فعل بالأرض الميتة التي أنزل عليها الماء فأنبتت الزرع المختلف الألوان بقدرته"٣.

فإنزال المطر من السماء، ومشاهدة الأرض مخضرة بألوان من النباتات المختلفة لوناً وجنساً بين عشية وضحاها آية متكررة بين العباد تدل دلالة واضحة على أنه لا بد من صانع حكيم وأن ذلك كائن عن تقدير وتدبير لا عن إهمال وتعطيل ولا دخل للطبيعة والصدفة التي يلهج بها الجاحدون للصانع الحكيم الذي دلت جميع المخلوقات على وحدانيته وألوهيته الحقة.

وقال شيخ الإسلام حول الآية السابقة: فأخبر سبحانه أنه يسلك الماء النازل من السماء ينابيع والينابيع جمع ينبوع وهو منبع الماء كالعين والبئر فدل القرآن على أن ماء


١- الينابيع جمع ينبوع وهو عين الماء. "انظر الجامع لأحكام القرآن ١٥/٢٤٦".
٢- جامع البيان ٢٣/٢٠٨، تفسير القرطبي ١٥/٢٤٦، تفسير ابن كثير ٦/٨٦ ـ ٨٧، تفسير النسفي ٤/٥٤.
٣- جامع البيان عن تأويل آي القرآن ٢٣/٢٠٨ ـ ٢٠٩.

<<  <   >  >>