للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقصدها تكون باعثة له على فعله بل كل ما يصدر عنه ـ تعالى ـ إما بإرادة قديمة اقتضت وقوع هذا العالم على هذا النحو دون غيره وهذا قول الأشاعرة.

وإما أن يكون بتمثل النظام الكلي في علمه ـ تعالى ـ السابق مع وقته الواجب اللائق عند الفلاسفة١.

والفرق بين قول الأشاعرة والفلاسفة واضح وهو أن الفلاسفة ينفون عن الله ـ تعالى ـ القصد إلى الفعل، ويقولون بأن كل فاعل بالقصد مستكمل به وله غرض في فعله.

وأما الأشاعرة: فيقولون: بالقصد ولا يقولون بأنه مستلزم للغرض لأنهم يجوزون ترجيح القادر المختار لأحد مقدوريه بدون مرجح أصلاً ٢.

وحجة الفريقين: الفلاسفة والأشاعرة على نفي الغرض في أفعاله ـ سبحانه وتعالى ـ بأنه لو خلق الخلق لعلة لكان ناقصاً بدونها مستكملاً بها، فإنه إما أن يكون وجود تلك العلة وعدمها بالنسبة إليه سواء، أو يكون وجودها أولى به.

فإن كان الأول امتنع أن يفعل لأجلها، وإن كان الثاني ثبت أن وجودها أولى به فيكون مستكملاً بها فيكون قبلها ناقصاً٣.

قال ابن سيناء ٤:

"تنبيه: اعلم أن الشيء الذي إنما يحسن به أن يكون عنه شيء آخر، ويكون ذلك أولى به، وأليق من أن لا يكون فإنه إذا لم يكن ما هو أولى وأحسن به مطلقاً وأيضاً لم يكن ما هو أولى وأحسن به مضافاً فهو مسلوب كمال ما يفتقر فيه إلى الكسب"٥.

وهذه الحجة التي رددها الفلاسفة والأشاعرة قام بتفنيدها شيخ الإسلام ابن تيمية وبين بطلانها ونقضها من وجوه عدة:


١- انظر الإشارات لابن سيناء ٣/١٣١.
٢- غاية المرام للآمدي ص٢٢٤، وانظر شرح حديث النزول ص١٧٤.
٣- المحصل للرازي ص١٤٩، وانظر "مجموعة الرسائل الكبرى" الرسالة الثامنة الإرادة والأمر ١/٣٢٧.
٤- هو أبي علي الحسين بن عبد الله بن سيناء المتوفى في سنة ٤٢٧ هـ.
٥- الإشارات ٣/١٢٢.

<<  <   >  >>