للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيكمل نقص ظاهرها وصورتها بلبس الحلي وما في معناه ليجبر ما فيها من نقص فإذا كانت الأنثى محل نقص فما وجه نسبتها إلى الله ولقد بين القرآن الكريم أنهم ليس لهم دليل على صحة دعواهم حيث أنه نفى عنهم طرق العلم الثلاث التي هي: الحس، أو الخبر، أو النظر أما طريق الحس: فهي المراد من قوله تعالى: {أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ} ١.

الواقع يقرر أنهم لم يشهدوا كيفية خلق الله لملائكته بل المشركون أنفسهم لم يدعوا ذلك فبطلت معرفتهم عن طريق الحس.

وأما طريق الخبر: فإن الخبر إنما يفيد العلم إذا علم كونه صدقاً وقطعاً كصدوره عن المعصوم الذي قام الدليل على صدقه، فأما الذين يخبرون بأن الملائكة بنات الله إنما هم أفاكون كذابون، ولم يدل على صدقهم دليل، وقد أشار الله إلى ذلك بقوله: {أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} ٢.

وأما طريق النظر: فقد بين بطلان قولهم من وجهين:

الوجه الأول: أن دليل العقل يقتضي فساد هذا المذهب لأن الله ـ تعالى ـ له الكمال المطلق لا يليق به اصطفاء الأخس وهو المراد من قوله تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} ٣ ومعنى ذلك أن إسناد الأفضل إلى الأفضل أقرب عند العقل من إسناد المفضول إلى الأفضل، فإن كان حكم العقل معتبراً في هذا الباب كان قولكم باطلاً.

الوجه الثاني: يترك الاستدلال على فساد مذهبهم ويطالبون هم بإثبات الدليل على صحة مذهبهم، فإذا لم يجدوا ذلك الدليل ظهر ضده وهو خلو الدعوى من أي دليل يدل على صحة مذهبهم وهذا هو المقصود من قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ * فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ٤ فثبت بما ذكرناه من الآيات القرآنية إبطال قول المشركين في دعواهم أن الملائكة بنات الله لأنه لا يوجد لديهم دليل يؤيد قولهم لا من طريق الحس، ولا


١- سورة الصافات، آية: ١٥٠.
٢- سورة الصافات، آية: ١٥١ ـ ١٥٢.
٣- سورة الصافات، آية: ١٥٣ ـ ١٥٤.
٤- سورة الصافات، آية: ١٥٦ ـ ١٥٧.

<<  <   >  >>