للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَغْلُولَةٌ} فرد الله عليهم بقوله: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} ١.

إذاً فبعد ذلك لا يستبعد أن يفتروا على الله كذباًُ فينسبون له الأبناء بل قد ادعوا أنهم أبناء الله وأحباؤه كما قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} ٢.

ولقد نقض القرآن هذا الزعم بقوله: {فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} ومعنى هذا أن الحبيب لا يهين كرامة حبيبه بالتعذيب فلأي شيء يعذبكم في الدنيا بالأسر والقتل والمسخ وقد اعترفتم بأنه سيعذبكم في الآخرة أياماً بعدد أيام عبادتكم العجل، ولو كان الأمر كما زعمتم لما صدر عنكم ما صدر ولما وقع عليكم ما وقع ثم بين القرآن أنهم كسائر البشر وأنهم محاسبون ومجزيون بالإحسان إحساناً، والإساءة عقاباً، وأنهم خاضعون لمشيئة الله النافذة {بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّه مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} ٣.

وحسبنا أن اليهود عرفوا بنقض العهود والمواثيق وقتل الأنبياء بغير حق ولسنا بصدد تعداد مساوئهم فهي كثيرة ولكن الذي نقوله أنه ليس من المستغرب أن تصدر عنهم تلك الفرية الكبيرة وهي قولهم: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ} {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً} ٤.

إبطال دعوى النصارى في أن عيسى ابن الله:

مما ينبغي أن يعلم أن قول النصارى {الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ} يرجع إلى شبهة عرضت لهم فيه وهي خلقه ـ تعالى ـ إياه من أم دون أب وهو خلاف ما جرت عليه سنة الله ـ تعالى ـ في التوالد والتناسل فقالوا عنه ابن الله كما حكى الله ذلك عنهم بقوله: {وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ الله} ٥ ولهم شبهة أخرى في قوله: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ


١- سورة المائدة، آية: ٦٤.
٢- سورة المائدة، آية: ١٨.
٣- سورة المائدة، آية: ١٨.
٤- سورة الكهف، آية: ٥.
٥- سورة التوبة، آية: ٣٠.

<<  <   >  >>