للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال عطاء قال ابن عمر: لو آوي قاتل عمر بن الخطاب في الحرم ما هجته (١).

وقال مجاهد في قوله عز وجل: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} عزيمة لا يخاف فيه أحد دخله.

وأمّا قتادة وغيره فقالوا: كان ذلك في الجاهلية، فأمّا اليوم فلو سَرَق في الحرم قُطع، ولو قَتَل قُتل، ولو قُدر فيه على المشركين قُتلوا (٢).

قال أبو عمر: على هذا القول جماعةُ فقهاء الأمصار من أهل الرأي والأثر، وهو الصحيح عندنا في النظر؛ لأنّ الله تعالى قد أَمَرَنا بالقصاص وإقامة الحدود أمرًا مطلقًا عامًّا، لم يَخُصَّ به مَوضِعًا من مَوضِع، ولا خَصَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أجمعت الأمَّةُ على خصوصه، ولا قامت بخصوصه حجّة لا مدفع لها (٣).

وقد اختلف الفقهاء في تغليظ الدية على من قَتَل في الحَرَم، فأكثرُهم على أنّ القتل في الحلّ والحرم سواء فيما يجب فيه من الدية والقَوَد، وإلى هذا ذهب مالك والعراقيّون، وهو أحد قولي الشافعي، وقول الفقهاء السبعة، حاشا القاسم بن محمّد، فإنّه روي عنه وعن سالم أنّه مَن قَتَل خطأً في الحَرَم زِيدَ عليه في الدية ثلث الدِية، وهو


(١) لم أجده.
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (١/ ٣٢٩)، وابن كثير (١/ ٣٣٧)، والقرطبي (٤/ ٩١) واستحسنه.
قال ابن تيمية في "المجموع" (١٤/ ٢٠١): "لو أصاب الرجل حدًّا خارج الحرم ثمّ لجأ إليه فهل يكون آمنًا لا يقام عليه الحدّ فيه أم لا؟ فيه نزاع، وأكثر السلف على أنّه يكون آمنًا، كما نقل عن ابن عمر وابن عبّاس وغيرهما، وهو مذهب أبي حنيفة والإمام أحمد بن حنبل وغيرهما".
(٣) انظر: "التمهيد" (٦/ ١٦٨ - ١٦٩)، وقد أحال فيه ابن عبد البرّ إلى كتاب "الأجوبة" على أنّه بسط فيه الكلام، وانظر: "الاستذكار" (٤/ ٤٠٤ - العلمية).

<<  <   >  >>