للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذهب بعضُ المتأخِّرين من الفقهاء (١) أنَّ مَن كانت حاله تلك على ظاهر حديث عائشة هذا [لا يصلّي] (٢) والفقهاءُ على خلافه كلُّهم، وفي المسألة نظر؛ لأنّه يحتمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَقْبَلُ اللهُ صلاَةً بِغَيْرِ طَهُورٍ" لِمَن قَدَر على الطَّهور، كما أنّه لا يَقبَل صلاة عُريانٍ وهو قادرٌ على ثوبٍ يَستُرُه فتَرَكَه عامدًا.

وقد رُوي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "لاَ يَقْبَلُ اللهُ صلاَةَ حَائِضٍ حَتَّى تَخْتَمِرَ" (٣).

والمسألةُ إذا تعادلت فيها الأدلَّة واستَوَت فيها الحُجَج؛ فالوجه في هذا للعلماء التخيير بالفتوى، ولكلّ من نزلت [به] (٤) الاحتياط، والاحتياط في هذه المسألة أن


(١) لعلّ المقصود ابن خويز منداد، القائل بسقوط الصلاة عمّن معه عقله، لعدم الطهارة، فإنّ ابن عبد البرّ تعقّبه بقوله: "قول ضعيف مهجور شاذّ مرغوب عنه" "الاستذكار" (١/ ٣٠٥).
(٢) غير موجودة في الأصل، والسياق يقتضيها.
(٣) حديث صحيح.
أخرجه أبو داود في "سننه" [كتاب الصلاة (٦٤٢) باب المرأة تصلّي بغير خمار]، والترمذي في "سننه" في [الصلاة (٣٧٧) باب ما جاء: لا تقبل صلاة المرأة إلاّ بخمار]، وقال: "حديث عائشة حديث حسن"، وأخرجه ابن ماجه في [الطهارة وسننها (٦٥٥) باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلاّ بخمار]، وغيرهم؛ من طرق عن حمّاد بن سلمة عن قتادة عن محمّد بن سيرين عن صفيّة بنت الحارث عن عائشة مرفوعًا به.
وقد اختلف فيه على قتادة، فروي عنه عن محمّد بن سيرين مسندًا، وعنه عن الحسن مرسلاً.
لكن هذه العلّة لا تضرّ كما بيّنه الشيخ محمّد ناصر الدين الألباني في "الإرواء" (١/ ٢١٥).
(٤) والمقصود كل من نزلت به مثل هذه النازلة، وهي فقد الطهورين أو عدم استطاعتهما، أنه يحتاط فيصلّي، والزيادة متعيّنة ليستقيم الكلام.

<<  <   >  >>