للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجواب:

إنّ الكلام في هذا الحديث يطول، وقد ذكرنا في كتابنا "التمهيد" وفي "الاستذكار" - أيضًا - ولكن نَذكُر منه هاهنا جُمَلاً كافية إن شاء الله تعالى، فنقول:

إنّ هذا الحديث ليس على ظاهره إن صحّ معبره (١)؛ لأنّ هناك آثارًا كثيرة تدفعه، فأمّا إسناده وصحّته من جهة النقل فلا مقال فيه لأحد.


= وأخرج هذه الرواية الإمام أحمد، وأخرجها من طريق أخرى (٢/ ٤٤ - ٤٥) من طريق خُبيب ابن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم به بلفظ:
"وخرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يصلّي صلاة السفر، يعني ركعتين، ومع أبي بكر وعمر وعثمان ستّ سنين من إمرته، ثمّ صلّى أربعًا".
قال الألباني في "الإرواء" (٣/ ٤): "ورواية خبيب هذه - وهو ثقة - تبيّن خطأ قول عيسى بن حفص في روايته عن عثمان: "فلم يزد على ركعتين حتّى قبضه الله"، فقد زاد عليهما في آخر أمره، كما في هذه الرواية الصحيحة عن حفص، وقد تابعه جماعة، ولذلك أنكر بعض المحقّقين قول عيسى هذا".
(١) المقصود به عبارة الحديث، أي متنه، والمعنى - والله أعلم - إن صحّ ظاهر الحديث على أنّ القصر في الصلاة فرض؛ لأنّه قال في "التمهيد" (١١/ ١٧٤): "وحسبك بتوهين ظاهر حديث عائشة وخروجه عن ظاهره مخالفتها له، وإجماع جمهور فقهاء المسلمين أنّه ليس بأصل يعتبر في صلاة المسافر خلف المقيم".
قلت: إسناد حديث عائشة يصحّحه الحافظ ابن عبد البرّ، حيث يقول (١٦/ ٢٩٣):
"هذا حديث صحيح الإسناد عند جماعة أهل النقل، لا يختلف أهل الحديث في صحّة إسناده".
وتوهين الحافظ المتن بمخالفة عائشة وعملها بخلاف مقتضاه يردّه رواية ابن عبّاس وابن عمر عملهما بوفقه، وإنكارهما على من أتمّ، خاصّة ابن عمر، وكذا ما صحّ عن عروة لمّا سئل عن سبب إتمام عائشة - وهو من أعرف الناس بها - قال: "تأوّلت ما تأوّل عثمان".

<<  <   >  >>