للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القوم، إنّ الله يأمرك يا محمّد، بالمسير إلى بني قريظة، فإنّي عامدٌ إليهم، فمُزَلْزِلٌ عليهم، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذّنًا، وأذّن: من كان سامعًا ومطيعًا فلا يُصَلِّيَنَّ العصرَ إلاّ في بني قريظة" (١)، واستعمل على المدينة ابن أمِّ مكتوم (٢)، وقَدِمَ عليُّ بن أبي طالب برايته إلى بني قريظة وابتدرها النّاس، فهل في هذا الحديث، أو حديث ابن عبّاس في شيء من الآثار؛ أنّ القوم كانوا ذلك الوقت طالبين العدوّ وكان بين أيديهم وهل فيها ما يدلّ على أنّ المسافة بين المدينة وبين قريظة يجب فيها التقصير في ذلك الحديث، أو في غيره ذكر؛ و (هل) (٣) دعوى ذلك من مدّعيه إلاّ تَظَنُّنًا وتَخَرُّصًا؟ ولا يجوز القول في دين الله إلاّ باليقين.

وأمّا قولُك، أو قول مَن حكيتَ قولَه: "وأمّا اذين صلّوا في الطريق وأتَمّوا"؛ فمَن هذا الذي نَقَل إليكم أنّهم أتَمّوا أو قَصَروا، وأنّ الآخرين أمنوا الخوف؛ وما أدري ما الخوف الذي أَمِنوا منه؟ لأنّه لم يذكر في خبر، وهذا علم لا يُدرَى إلاّ بخبر، والله المستعان.

وأمّا الشافعي - رحمه الله - فقوله: "إنّه لا يجوز لأحد أن يصلّي صلاة الخوف إلاّ أن يعاين عدوّا قريبًا غير مأمون أن يحمل عليه "في كلام طويل له في كتابه (٤)، وقال في صفة الخوف الذي للرجل أن يصلّي فيه راجلاً وراكبًا، للقبلة وغيرها: "إطلال العدوّ على العسكر، فيتراءون ويتقاربون حتّى ينالهم الرمي في غير حصْن، وربما نالهم الطعن والضرب.


(١) انظر هذا الأثر، وهو منقطع، عند ابن إسحاق (٢/ ٢٣٣/ ٢٣٤٩) و"تخريج الدلالات السمعية" (١/ ٢١٥)، و"السيرة النبوية" لابن هشام (٤/ ٢٣٤)، و"البداية والنهاية" (٤/ ١١٦).
(٢) ذكره ابن هشام في "السيرة" (٣/ ٧١٦)، وابن سعد (٣/ ٧٤) كلاهما بدون إسناد.
(٣) في الأصل: "هذه"، وهو خطأ، والصواب ما أثبتُّ.
(٤) في "الأمّ" (١/ ٢٥٠).

<<  <   >  >>