للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفة صلاة الخوف وحكمَها، وقالوا في الحديث: "وإن كان خوفٌ أشدُّ من ذلك صلّوا رِجالاً ورُكْبانًا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها" (١)، فلم يُطلِق هذه الصلاة للخائف إلاّ في حال شدّة الخوف، هذه حال لا يُصلَّى فيها جماعة لحال شدّة الخوف، وفي النظر معلوم أنّ الطالب غير خائف، فكيف يصلّي صلاة الخوف؟ وهل يجوز صلاة الخوف لغير خائف؟ هذا ما لا يُفهَم في لسان ولا سنّة ولا بيان، والله المستعان.

فإن قال قائل: إنّ عبد الله بن أُنَيس (٢) صلّى وهو طالب؛ يومئ برأسه حين بعثه


= انظر: "المفهم" (٣/ ١٤٢٢)، و"المستدرك" (١/ ٣٣٥، ٣٣٨)، و"الأوسط" لابن المنذر (٥/ ٢٩ - ٣٦)، و"الإحسان" (٧/ ١١٩، ١٤٧)، و"المحلّى" (٥/ ٣٣، ٤٢).
(١) الحديث أخرجه البخاري في [التفسير (٤٥٣٥) باب {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}] [البقرة: ٢٣٩]، من طريق مالك عن نافع: أنّ عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال: "يتقدّم الإمام وطائفة من الناس ... "، وذكر الحديث، وأخرجه مسلم في [الصلاة (٨٣٩)] من طريق موسى بن عقبة عن نافع، وأخرجه - أيضًا - من طريق الزهري عن سالم عن أبيه.
(٢) هو: أبو يحيى عبد الله بن أنيس، الجهني المدني، حليف الأنصار، صحابي مشهور، كبير القدر، بطل شجاع مقدام، شهد العقبة مع السبعين، وشهد أحدًا والخندق وما بعد ذلك، وكان هو ومعاذ يكسران أصنام بني سلمة، بعثه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ سريّة وحده، وإليه سار جابر بن عبد الله مسيرة شهر ليسمع منه حديثًا واحدًا؛ حديث المظالم والقضاء، تأخّر موته بالشام إلى سنة ثمانين على المشهور، وقيل: توفي سنة أربع وخمسين، والله أعلم.
انظر ترجمته في: "الاستيعاب" (٣/ ٨٦٩)، و"الإصابة" (٢/ ٢٧٨)، و"التقريب".

<<  <   >  >>