للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجواب:

إنّها آثار ثابتة كلُّها من جهة النقل، نقلها مالك وغيره من الثقات، وليس منها شيء متعارض، ولا يخلو الأمر فيها من أحد وجهين؛ إمّا أن تكون الركعتان الزائدتان على الإحدى عشرة ركعتي الفجر على ما في حديث عائشة، فيكون حديث عائشة مفسّرًا لمِا أجْمَلَه ابن عبّاس، وتكون الزيادة على ذلك مقبولة، كما يقبل الأثر المنفرد، وإمّا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى ثلاث عشرة ركعة مرّات وإحدى عشرة مرّة، وكان يصلّي كذا، كذا أبدًا، فيكون ذلك دليلاً على ما عليه جماعة الفقهاء من أنّ صلاة الليل ليست مقدَّرة محدودة بعدد معلوم (١)، وأنّ للمرء أن يزيد فيها وينقص، والصلاة كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي ذرّ: "خَيْرُ مَوْضُوعٍ؛ فَمَنْ شَاءَ اسْتكْثَرَ، وَمَنْ شَاءَ


= المداومة على ركعتي الفجر]، ومسلم في [صلاة المسافرين (٧٣٨) باب صلاة الليل وعدد ركعات النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الليل].
وأخرج البخاري في [التهجّد (١١٦٤) باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، وغيره من طريق مالك عن هشام ابن عروة عن أببه عن عائشة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلّي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثمَّ يصلّى إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين"، وفي رواية للإمام أحمد (٦/ ٢٣٠): ويوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء منها إلاّ في آخرها".
قال الشيخ الألباني في "تمام المنّة" (٢٤٩ - ٢٥٢): "وإسناده على شرط الشيخين".
لكن رواية هشام هذه شاذّة كما ذكر العلّامة الألباني، وانظر تحقيقًا بديعًا له في الكتاب المذكور آنفًا.
(١) قال في "التمهيد" (١٣/ ٢١٤): "وليس في عدد الركعات من صلاة الليل حدّ محدود عن أحد من أهل العلم لا يتعدّى، وإنَّما الصلاة خير موضوع ... ".

<<  <   >  >>