للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(رادّ) (١) للسنن، وليس من أئمّة المسلمين وفقهائهم وحملة الآثار منهم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أحد ينكر فتنة القبر.

فلا وجه للاشتغال بأقاويل أهل البدع والأهواء المضِلَّة، وقد روي عن جماعة من المفسّرين العالمِين بتأويل القرآن من الصحابة والتابعين، أنّهم أوّلوا في عذاب القبر آيات من كتاب الله تعالى، منها قوله عز وجل: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة: ١٠١] (٢)، قالوا: المرّتان: القتل (٣) وعذاب القبر (٤)، قال بعضهم:


= التي يدينون الله بها، وعندهم أن النعيم أو الجذاب يقع على البدن والروح معًا.
قال ابن أبي العزّ في "شرح الطحاوية" (٣٩٩ - ٤٠٠): "وليس السؤال في القبر للروح وحدها كما قال ابن حزم وغيره، وأفسد منه قول من قال: إنّه للبدن بلا روح، والأحاديث الصحيحة تردّ القولين، وكذلك عذاب القبر يكون للنفس والبدن جميعًا، باتّفاق أهل السنّة والجماعة، تنعم النفس وتعذب مفردة عن البدن ومتّصلة به.
واعلم أنّ عذاب القبر هو عذاب البرزخ، فكلّ من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه قُبِر أو لم يُقبر، أكلته السباع، أو احترق حتّى صار رمادًا ونسف في الهواء، أو صلب، أو غرق في البحر، وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور".
قال أبو بكر المروزي "طبقات الحنابلة" (١/ ٦٢): قال لنا أبو عبد الله: "عذاب القبر حقّ، ما ينكره إلّا ضالّ مضلّ".
وقال ابن هانئ في "مسائله" (١/ ١٩١): قيل له - أي: الإمام أحمد -: وعذاب القبر، ومنكر ونكير؟ قال أبو عبد الله: "نؤمن بهذا كلّه، ومن أنكر واحدة من هذه فهو جهمي".
(١) في الأصل: "رادًا"، والصواب ما أثبتُ اتباعًا لقواعد النحو.
(٢) في الأصل: "عذاب غليظ"، وهو خطأ.
(٣) أخرجه الطبري (١١/ ٨) بسند صحيح عن مجاهد في هذه الآية: "القتل والسباء".
(٤) أخرج الطبري (١١/ ٩) بسند حسن عن قتادة في هذه الآية: "عذاب الدنيا وعذاب القبر".

<<  <   >  >>