للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمّا حديث القليب، فهو ثابت عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من حديث أنس عنه: "أنْهُ وَقَفَ عَلَى كفَّارِ قُرَيْشِ؛ عُتْبةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَليدِ بْنِ عُتْبةَ، وَأَبِي جَهْل بْنِ هِشَامٍ، وَأَشْيَاعِهِمْ، وَهُمْ أَهْلُ القَلِيبِ، فَنَادَاهُمْ بِأَسمائِهِمْ: هَلْ وَجَدتُّمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي وَجَدتُّ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًا"، فقال له أصحابه: يا رسول الله؛ أتنادي قومًا قد جيفوا؟ فقال: "مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ لمِا أَقُولُ، وَلَكِنّهمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُجِيبُوا" (١).

فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنّهم سمعوه، وقد يحتمل أن يكون وقوفه عليهم ونداؤه إيّاهم كان في الوقت الذي تُرَدّ فيه الروح في القبر إلى من يساءل عن ربّه ودينه، وقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنّ المنافق هو في الدرك الأسفل من النار يساءل عن ذلك، فغير نَكِير أن يساءل عن ذلك أو


= وقال ابن كثير عند هذه الآية: "قال الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: "هذه الآية كقوله تعالى: {تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)} "، وكذا قال ابن عبَّاس والضحاك وقتادة وأبو مالك، وهذا هو الصواب الذي لا شكّ فيه ولا مرية"، ثمّ ذكر في معنى ما ذكره المصنّف عن السدّي وضعّفه.
(١) هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه الطبري (٢/ ٣٧)، وابن هشام في "السيرة" (٢/ ٦٣٨ - ٦٣٩)، وابن كثير في "البداية والنهاية" (٣/ ٢٩٢) من طريق ابن إسحاق قال: حدّثني حميد الطويل عن أنس به، انظر "الدرر" للمصنف (١/ ١٠٧).
وأخرج نحوه البخاري في "الصحيح" [المغازي (٣٩٧٦) باب قتل أبي جهم]، والإمام أحمد برقم (١٢٠١٤، ١٥٧٦٦) من طريق قتادة عن أنس به، وأخرجه مسلم في [كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٧٤) باب عرض مقعد الميّت] من حديث ثابت عن أنس.
وفيه قال قتادة: "أحياهم الله حتى أسمعهم قوله، توبيخًا وتصغيرًا ونَقِيمةً وحسرةً وندمًا".
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٧/ ٣٥٣): " أراد قتادة بهذا التأويل الردّ على من أنكر أنهم يسمعون، كما جاء عن عائشة أنها استدلّت بقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} ".

<<  <   >  >>