(٢) وقع الخلاف عن السؤال في القبر أهو خاصّ بمن يدّعي الإيمان محقًّا كان أو مبطلًا - كالمنافق - أم أنه يشمل الكافر؟ والصواب - والله أعلم - أن السؤال يشمل الجميع، ففي حديث أنس في عذاب القبر، قال - صلى الله عليه وسلم -: "وأمّا المنافق أو الكافر، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ ... "، وفي رواية له: "وأمّا الكافر أو المنافق"، وفي رواية لأبي داود من حديث أبي هريرة: "وإن الكافر إذا وضع"، وفي رواية أحمد من حديث أبي سعيد: "وإن كان كافرًا أو منافقًا"، وفي رواية عن أسماء: "فإن كان فاجرًا أو كافرًا"، وفي رواية أخرى لها في الصحيحين: "وإنّ المنافق أو المرتاب". قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٣/ ٢٨٢): "فاختلفت هذه الروايات لفظًا، وهي مجتمعة على أن كلًّا من الكافر والمنافق يسأل، ففيه تعقيب على من زعم أنّ السؤال إنما يقع على من يدّعي الإيمان، إن محقًّا أو مبطلًا، ومستندهم ما رواه عبد الرزاق من طريق عبيد بن عمير - كذا، والذي في "المصنّف" (٣/ ٥٩) عن ابن جريج قال: قال عبد الله بن عمر فذكره - أحد كبار التابعين، قال: "إنما يفتن رجلان مؤمن ومنافق، وأمّا الكافر فلا يسأل عن محمد ولا يعرفه"، وهذا موقوف، والأحاديث الناصّة على أن الكافر يسأل مرفوعة مع كثرة طرقها الصحيحة، فهي أولى بالقَبول". ثم نسب إلى ابن عبد البرّ القول بأنّ الكفار لا يسألون عن دينهم، والمثبت في النسخة خلاف ما نسبه ابن حجر، وقبله ابن القيم في "الروح"، إلّا أن يكون قصدهم ما ذكره ابن عبد البرّ في "الاستذكار" (٣/ ٨٨) قال: "وأمّا قوله: "إنّ أحدكم" فإنّ الخطاب موجّه إلى أصحابه وإلى المنافقين، والله أعلم، فيعرض على المؤمن مقعده من الجنّة، وعلى المنافق مقعده من النار"، وانظر: "التمهيد" (١٤/ ١٠٩).