للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجواب:

عن ذلك أنّ الصلاة على الشهيد غيرُ مجُمَع عليها ولا على تَركِها، وقد اختلفت الآثار عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، واختلف علماء المسلمين فيه، فروى جابر وغيره عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أنّه لم (يُصَلِّ) عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ" (١)، وبذلك قال مالك بن أنس والليث بن سعد


(١) في الأصل: "أنّه لم يزل يصلّي على قتلى أحد"، والظاهر أنّه خطأ، والخطأ أظنه من الناسخ، وما أكثر أخطاءه؛ لأن الثابت عن جابر - كما مرّ في أوّل الحديث - أنّه نفى صلاته - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أحد، والظاهر أنّ العبارة هكذا: "أنّه لم يصلِّ على قتلى أحد"، وبهذا قال مالك في "البيان والتحصيل" (٢/ ٢٤٩ - ٢٥٠)، و"النوادر والزيادات" (١/ ٦١٥ - ٦١٧)، و"المدوّنة" (١/ ١٨٢)، و"الذخيرة" (٢/ ٤٧٤)، و"الإشراف" (١/ ٣٥٧)، والشافعي، كما نصّ على ذلك ابن حجر في "الفتح"، وكذا حكاه النووي في "المجموع" (٥/ ٢٦١) على أنّه متفق عليه بين الشافعية، وغيرهما.
والتحقيق في الصلاة على الشهيد ما ذكره العلّامة الألباني في "أحكام الجنائز" (ص ١٠٧ - ١٠٨)، بعدما ذكر الأحاديث الدالّة على ثبوت صلاته - صلى الله عليه وسلم - على الشهداء، قال: "قد يقول قائل: لقد ثبت في هذه الأحاديث مشروعية الصلاة على الشهداء، والأصل أنها واجبة، فلماذا لا يقال بالوجوب؟ !
قلت: لما سبق ذكره ... ونزيد على ذلك هنا، فنقول: لقد استشهد كثير من الصحابة في غزوة بدر وغيرها، ولم ينقل أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلّى عليهم، ولو فعل لنقلوه عنه، فدلّ ذلك على أن الصلاة عليهم غير واجبة".
وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" (٤/ ٢٩٥): "والصواب في المسألة أنّه مخيّر بين الصلاة عليهم وتركها، لمجيء الآثار بكل واحد من الأمرين، وهذا إحدى الروايات عن الإمام أحمد، وهي الأليق بأصوله ومذهبه".
قلت: وحكى هذا الوجه من الجمع النووي في "المجموع" (٥/ ٢٦٠) عن إمام الحرمين والبغوي وغيرهما.
فلاح بأنّ إيراد الحديث هكذا خطأ، والصواب ما أثبتّ.

<<  <   >  >>