للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشافعي وجماعة، وروى ابن عبّاس (١) وابن الزبير (٢) أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "صلَّى عَلَى حَمْزَةَ وَعَلَى سَائِرِ شُهَدَاء أُحُدٍ"، وبذلك قال فقهاء العراقيين والشاميين.

وروى عقبة بن عامر أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صلاتهُ عَلَى الميَتِ" (٣).

وهذا عندي - والله أعلم - يَحتَمل أن يكون خرج إليهم فدعا لهم بالرحمة والمغفرة كما يُدعَى للميّت، والصلاة في اللغة الدعاء، وليس في دعائه لهم ما يحتاج إلى القول؛ لأنه لعلّه أُمر بذلك كما أُمر أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات (٤)، وسواء دعا لهم بعد ثماني سنين أو ثمانين سنة، فقد خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى البقيع فصلّى على أهله، وذكر أنّه بذلك أُمِر، ومعنى ذلك عندنا - أيضًا - أنّه دعا لهم، فإن ظنّ ظانّ أنّ صلاته على شهداء أحد من أجل أنّه لم يصلّ عليهم، وهذا لا يظنّه عالم، وقد صحّ عنه صلاته - صلى الله عليه وسلم - على أهل البقيع، والاختلاف بين أهل العلم قديمًا وحديثًا في الصلاة على (الشهداء) (٥) أشهر وأعرف من الاختلاف في غسلهم، فإنّ الآثار في ترك غسلهم لم


(١) حديث ابن عباس أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٥٠٣)، وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو "ضعيف، كبر فتغيّر وصار يتلقّن، وكان شيعيًا"، قاله الحافظ في "التقريب".
(٢) حديث ابن الزبير أخرجه - أيضًا - الطحاوي (١/ ٥٠٣)، قال الشيخ الألباني في "أحكام الجنائز" (ص ١٠٦): "إسناده حسن، رجاله كلهم ثقات معروفون، وابن إسحاق قد صرّح بالتحديث".
(٣) سبق تخريجه في (ص ١٩٧).
(٤) ثبت في الرواية قوله: "فصلى على أهل أحد صلاته على الميّت"، وبهذا اندفع تأويل المصنّف رحمه الله.
(٥) في الأصل: "الشهيد"، والظاهر المثبت لأجل السياق.

<<  <   >  >>