للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المال غير الدَّيْن، إنّما دَينُه ما أسلم فيه [و] (١) رأس المال لا يجب الطلب به، وإن أخذه بالمسلم فيه فكأنّه اقتضاه قبل أجله؟ هذا نصّ ما ورد في كتابك.

فالجواب:

إنّ الذي نزع به إبراهيم من حديثه عن الأسود عن عائشة حين سُئِل عن الرهن في السَّلَم، وجه صحيح قِبلةٌ من نَظَرِه (٢)؛ لأنّ الرهن إذا جاز بالسنّة في الدَّيْن الثابت من ثمنٍ في طعام أو غيره، فكذلك يحوز في السَّلَم لأنّه دَيْن ثابت في الذمّة مضمون، كثمن سلعة مبيعة سواء، والقرآن قد أطلق المُداينات وعَمَّها، ولم يَخُصَّ سَلَمًا من غير سَلَم، فأباح فيها الرهن والوثيقة بما أمكن من الإشهاد وغيره؛ قال الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢].

وقد رُوِي عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال: "أشهد أنّ السَّلَف المضمون إلى أجل معلوم بكيل معلوم ووزن معلوم، (أحلّه) (٣) الله عز وجل وأذن فيه،


= شرعًا: "بيعٌ موصوفٌ في الذمّة بِبَدَلٍ يُعطى عاجلًا"، وقد اختلف الفقهاء في تعريفه تبعًا لاختلافهم لا الشروط المعتبرة فيه، انظر: "الموسوعة الفقهية" (٢٥/ ١٩١).
و"السَّلَم" المقصود في الحديث هو السَّلَف، ولم يرد به السلف العرفي، ذكره ابن حجر في "الفتح" (٤/ ٣٥٤).
(١) زيادة متعيّنة.
(٢) المقصود من هذه العبارة أن قول إبراهيم النخعي مبنيّ على نظره في المسألة، وهو قبلةٌ له، أي: اتّجاه له في المسألة.
(٣) في الأصل: "أجلّه"، والتصحيح من كتب الحديث والتفسير.

<<  <   >  >>