للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدل ذلك على أن التَّناجي بذلك خيرٌ» (١).

الوجه الثاني: جعل الله الإصلاح بين الناس والأمر بالصدقة والمعروف خيراً ولو لم يبتغ الفاعل به وجه الله، وهذا دليل على عموم نفعه وفضله، فمتى وجد حصل به خير.

قال ابن رجب: «وإنما جعل الأمر بالمعروف من الصدقة والإصلاح بين الناس وغيرهما خيراً، وإن لم يبتغ به وجه الله؛ لما يترتب على ذلك من النفع المتعدي فيحصل به للناس إحسان وخير، وأما بالنسبة إلى الأمر فإن قصد به وجه الله وابتغاء مرضاته كان خيراً له وأثيب عليه، وإن لم يقصد ذلك لم يكن خيراً له ولا ثواب له عليه) (٢).

الوجه الثالث: إفادة العموم في قوله تعالى: ﴿أو إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ من جهتين:

الأولى: من جهة من يُصلَح بينهم، فعم جميع الناس، ولم يخص أحدا دون أحد. والثانية: من جهة ما يُصلَح به، فلم يخص امرأً دون غيره، فهو شامل للإصلاح في الأموال، والدماء، والأعراض، والأديان وغيرها، فهذا العموم يدل على رغبة الشارع في الإصلاح وتطلعه إليه.

قال القرطبي: «﴿أو إصلاح بين الناس﴾ عام في الدماء، والأموال، والأعراض، وفي كل شئ يقع التداعي والاختلاف فيه بين المسلمين، وفي كل كلام يراد به وجه الله تعالى» (٣).

الوجه الرابع: الإتيان بضمير الإشارة الدال على البعيد في قوله: ﴿ومن يفعل ذلك﴾ مع قرب العهد به يدل على علو مكانةِ الإصلاح وما ذكر معه، ورفعةِ شأنه.


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٦٧).
(٢) انظر: المرجع السابق.
(٣) تفسير القرطبي (٥/ ٣٨٤)

<<  <   >  >>