للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[دلالة الآية على الإصلاح]

دلت هذه الآية على الإصلاح من وجوه عدة:

الوجه الأول: أمره جل وعلا بالإصلاح في قوله: ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ وقوله: ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾، والأمر يقتضي الوجوب إلا إذا صرفه صارف، ولا صارف له هنا عن ذلك.

الوجه الثاني: أن الله أمر بالبداءة به قبل كل شيء، فقال: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ فدل على فضله وأهميته.

الوجه الثالث: أن الله أمر به بعد الاقتتال أيضاً، مما يدل على أن الصلح أمر لازم لا بد منه، ولا يصلح الحال بدونه، فمن لم يستجب له أولاً يقاتل حتى يرجع إليه ويرضى به.

الوجه الرابع: أن عاقبته حميدة، فهو الذي يزيل ما يحصل في النفوس من الشر والنزاع والبغضاء قبل الاقتتال وبعده إن حصل.

الوجه الخامس: أن الإصلاح من مقتضى الإخوة الإيمانية، ولا تصلح إلا به؛ فإنه لما ذكر أن المؤمنين إخوة أعقبه بالأمر بالإصلاح بينهم.

الآية الخامسة:

قال تعالى: ﴿فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم﴾ [البقرة: ١٨٢]

[شرح الآية]

يبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لا جناح ولا إثم على من أصلح بين موصٍ - جار في وصيته - وبين ورثته، فسددهم للصواب، قال الواحدي ملخصاً دلالة الآية:

«﴿فمن خاف﴾ أَيْ: علم ﴿من موصٍ جنفاً﴾ خطأً في الوصية من غير عمدٍ، وهو أن يُوصي لبعض ورثته، أو يوصي بماله كلِّه

<<  <   >  >>