للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإصلاح والتأكيد عليه.

الوجه الرابع: حثه على الصلح، بقوله: ﴿وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾، حيث جعله مع التقوى سببا للمغفرة والرحمة، كما يشير إلى ذلك ختم الآية بقوله: ﴿فإن الله كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.

الآية الثالثة:

قال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ١].

[شرح الآية]

يخبر جل وعلا أن الصحابة سألوا النبي عن الأنفال - وهي: الغنائم - فأمره أن يبين لهم أنها لله ورسوله يقسمانها حيث شاءا، ثم أمرهم بالتقوى، وإصلاح ذات البين، وطاعة الله ورسوله.

يقول السعدي في بيان معنى هذه الآية:

«الأنفال هي الغنائم التي ينفلها اللّه لهذه الأمة من أموال الكفار، وكانت هذه الآيات في هذه السورة قد نزلت في قصة «بدر» أول غنيمة كبيرة غنمها المسلمون من المشركين، فحصل بين بعض المسلمين فيها نزاع، فسألوا رسول اللّه عنها، فأنزل اللّه: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَال﴾ (١) كيف تقسم؟ وعلى من تقسم؟ ﴿قُلْ﴾ لهم: الأنفال لله ورسوله يضعانها حيث شاءا، فلا اعتراض لكم على حكم اللّه ورسوله، بل عليكم إذا حكم اللّه ورسوله أن ترضوا بحكمهما، وتسلموا الأمر لهما، وذلك داخل في قوله: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.


(١) وقد روى هذا السبب بسند صحيح، كما في أسباب النزول للواحدي (٢٣٢) وما بعدها، والمحرر في أسباب نزول القرآن (١/ ٥٥٠) وما بعدها.

<<  <   >  >>