للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خطأً، ﴿أو إثماً﴾ أَيْ: قصداً للميل، فَحافَ في الوصية، وفعل ما لا يجوز مُتعمِّداً ﴿فأصلح﴾ بعد موته بين ورثته وبين المُوصى لهم، ﴿فلا إثم عليه﴾ أَيْ: إِنَّه ليس بمبدلٍ يأثم، بل هو متوسطٌ للإِصلاح، وليس عليه إثمٌ» (١).

ويزيد ابن كثير الآية إيضاحاً، فيقول:

(قال ابن عباس، وأبو العالية، ومجاهد، والضحاك، والربيع بن أنس، والسدي: الجَنَف: الخطأ، وهذا يشمل أنواع الخطأ كلها، بأن زاد وارثاً بواسطة أو وسيلة، كما إذا أوصى ببيعه الشيءَ الفُلاني محاباة، أو أوصى لابن ابنته ليزيدها، أو نحو ذلك من الوسائل، إما مخطئًا غير عامد، بل بطبعه وقوة شفقته من غير تبصر، أو متعمدًا آثمًا في ذلك، فللوصيّ - والحالة هذه - أن يصلح القضية، ويعدلَ في الوصية على الوجه الشرعي، ويعدل عن الذي أوصى به الميت إلى ما هو أقرب الأشياء إليه وأشبه الأمور به، جمعاً بين مقصود الموصي والطريق الشرعي، وهذا الإصلاح والتوفيق ليس من التبديل في شيء» (٢).

[دلالة الآية على الإصلاح]

تدل هذه الآية على فضل الإصلاح من جهة أن الله رفع الحرج والإثم عمن بدل وصية غيره من أجل الإصلاح، مع أن التبديل والتغيير في الأصل لا يجوز، لكن لما كان من أجل الإصلاح بين الموصي وورثته رفع الله الحرج عمن فعله، فدل على فضله العظيم، وعلى تطلب الشارع له، ورغبته فيه.

الآية السادسة:

قال الله تعالى: ﴿ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا


(١) الوجيز للواحدي (١/ ٤٧).
(٢) تفسير ابن كثير (٢/ ١٧١).

<<  <   >  >>