للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم بين سبحانه في الآية الثانية أن الإنسان لن يستطيع العدل مع النساء في كل شيء، ولكن فيما يقدر عليه، قال ابن كثير موضحاً معنى الآية:

«وقوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ أي: لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه، فإنه وإن حصل القسْم الصوري: ليلة وليلة، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع، كما قاله ابن عباس .. »، ثم قال:

﴿فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ﴾ أي: فإذا ملتم إلى واحدة منهن، فلا تبالغوا في الميل بالكلية، ﴿فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ أي: فتبقى هذه الأخرى مُعَلَّقة، قال ابن عباس ومجاهد .. : معناه: لا ذات زوج ولا مطلقة، وقوله: ﴿وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ أي: وإن أصلحتم في أموركم، وقسمتم بالعدل فيما تملكون، واتقيتم الله في جميع الأحوال، غفر الله لكم ما كان من ميل إلى بعض النساء دون بعض» (١).

[دلالة الآية على الإصلاح]

دلت الآية على الحث على الإصلاح وبيان فضله من عدة وجوه:

الوجه الأول: قوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا﴾ حيث نفى الإثم عن الزوجين فيما تصالحا عليه، ولو كان في الصلح ترك، أو إسقاط بعض الحقوق الواجبة، مع أن الأصل لزوم الحقوق الواجبة، ومثل هذا الصلح جائز بإلاجماع (٢)، قال السعدي موضحاً ذلك:

«أي: إذا خافت المرأة نشوز زوجها، أي: ترفعه


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٣٠٥ - ٣٠٧).
(٢) ذكره العيني في عمدة القاري (١٤/ ١٨٠).

<<  <   >  >>