للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ أي: أصلحوا ما بينكم من التشاحن والتقاطع والتدابر، بالتوادد والتحاب والتواصل، فبذلك تجتمع كلمتكم، ويزول ما يحصل - بسبب التقاطع - من التخاصم، والتشاجر والتنازع، ويدخل في إصلاح ذات البين تحسين الخلق لهم، والعفو عن المسيئين منهم، فإنه بذلك يزول كثير مما يكون في القلوب من البغضاء والتدابر، والأمر الجامع لذلك كله قوله: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ فإن الإيمان يدعو إلى طاعة اللّه ورسوله، كما أن من لم يطع اللّه ورسوله فليس بمؤمن، ومن نقصت طاعته للّه ورسوله، فذلك لنقص إيمانه» (١).

[دلالة الآية على الإصلاح]

لقد دلت الآية على الحث على الإصلاح وأهميته من عدة وجوه:

الوجه الأول: أن الله أمر بالإصلاح، وحرج على المؤمنين أن يفعلوه، والأمر يقتضي الوجوب، قال ابن عباس: «هذا تحريج من الله على المؤمنين أن يتقوا الله وأن يصلحوا ذات بينهم» (٢).

الوجه الثاني: تأكيد الأمر بالإصلاح ضمنا في قوله تعالى بعد ذلك: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾.

الوجه الثالث: الحث والإلهاب والتهييج على فعله، مع التقوى وطاعة الله ورسوله في قوله في آخر الآية: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾،


(١) تفسير السعدي (٢/ ١٨٧).
(٢) رواه البخاري في الأدب المفرد (١/ ١٤٢) ح (٣٩٢)، والطبري في تفسيره (١١/ ٢٧)، وابن أبى حاتم في تفسيره (٥/ ١٦٥٣)، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (١/ ١٦٤).

<<  <   >  >>