« .. ثم قال: ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ أي: امتثلوا هذه الأوامر الثلاثة إن كنتم مؤمنين بالله، وفيه من التهييج والإلهاب ما لا يخفى، مع كونهم في تلك الحال على الإيمان، فكأنه قال: إن كنتم مستمرين على الإيمان بالله؛ لأن هذه الأمور الثلاثة التي هي: تقوى الله، وإصلاح ذات البين، وطاعة الله والرسول، لا يكمل الإيمان بدونها، بل لا يثبت أصلاً لمن لم يمتثلها، فإن من ليس بمتق وليس بمطيع لله ورسوله ليس بمؤمن»(١).
في هاتين الآيتين يوجه الله عباده المؤمنين إلى ما يجب فعله، حينما تقتتل طائفتان من أهل الأيمان، وذلك بأن يبدؤوا بينهم أولاً بالإصلاح، فإن أبت إحداهما على البغي؛ فإنها تقاتل، حتى ترجع إلى الحق، فيصلح بينهما بالقسط والعدل، ثم بين أن المؤمنين إخوة، وما داموا كذلك فالواجب الإصلاح بينهم، وعدم الاقتتال والنزاع.
يقول الطبري ﵀ ملخصاً معنى الآيتين:
«يقول تعالى ذكره: وإن طائفتان من أهل الإيمان اقتتلوا، فأصلحوا أيها المؤمنون بينهما بالدعاء إلى حكم كتاب الله، والرضا بما فيه لهما وعليهما، وذلك هو الإصلاح بينهما بالعدل،