للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمر النبي الزبير باستيفاء حقه.

قال الحافظ ابن حجر: «أمره -أولاً- أن يسامح ببعض حقه على سبيل الصلح، وبهذا ترجم البخاري في الصلح إذا أشار الإمام بالمصلحة، فلما لم يرض الأنصاري بذلك استقصى الحكم وحكم به .. »، ثم قال أيضاً: «وفيه أن للحاكم أن يشير بالصلح بين الخصمين، ويأمر به، ويرشد إليه، ولا يلزمه به إلا إذا رضي» (١).

قلت: وجه دلالة الحديث على الإصلاح أن النبي بدأ به قبل غيره، وهذا يدل على فضله، ورغبة الشارع فيه، وتطلعه إليه.

المثال الخامس: الإصلاح بين الجماعات والقبائل، روى البخاري ومسلم عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ : «أَنَّ أُنَاسًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ النَّبِيُّ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ .. » (٢).

دل هذا الحديث على أن النبي لما علم باختلاف أصحابه بادر بالخروج إليهم من أجل الإصلاح، فحصل ذلك، وهذا يدل على فضل الإصلاح والمبادرة إليه، حتى لا يزيد الشقاق والاختلاف بين المسلمين.

قال الحافظ ابن حجر: «وفي هذا الحديث: فضل الإصلاح بين الناس، وجمع كلمة القبيلة، وحسم مادة القطيعة، وتوجه الإمام بنفسه إلى بعض رعيته لذلك، وتقديم مثل ذلك على مصلحة الإمامة بنفسه» (٣).


(١) فتح الباري (٥/ ٤٨، ٤٩).
(٢) رواه البخاري في صحيحه، انظر: الفتح (٥/ ٣٥٠) ح (٢٦٩٠)، ومسلم في صحيحه (١/ ٣١٦) ح (٤٢١)، وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (١/ ٨٨) ح (٢٤٣).
(٣) فتح الباري (٢/ ١٩٨).

<<  <   >  >>