للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الخطابي: «الكذب في الإصلاح بين اثنين: هو أن ينمي من أحدهما إلى صاحبه خيراً، ويبلغه جميلاً، وإن لم يكن سمعه منه، يريد بذلك الإصلاح» (١).

قلت: فجواز الكذب من أجل الإصلاح دليل على فضله وتطلع الشارع إليه.

الحديث الثامن: روى أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي عن قَبِيصَةَ بن مُخَارِقٍ الهِلالي (٢)، قال: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: «أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا»، قَالَ: ثُمَّ قَالَ:

«يَا قَبِيصَةُ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثَلَاثَةٍ:

رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ.

وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ -.

وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ، حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِى الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ -.

فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا» (٣).


(١) معالم السنن للخطابي (٧/ ٢٣٦).
(٢) هو صاحب رسول الله ، قبيصة بن المخارق بن عبد الله بن شداد بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالي البصري، له صحبة، وفد على النبي ، وروى عنه، انظر تهذيب الكمال (٢٣/ ٤٩٢)، وتقريب التهذيب (٧٩٧).
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (٢٥/ ٢٥٧) ح (١٥٩١٦)، ومسلم في صحيحه (٢/ ٧٢٢) ح (١٠٤٤)، وأبو داود في سننه (٢/ ١٢٠) ح (١٦٤٠)، والنسائي في المجتبى (٥/ ٨٩) ح (٢٥٨٠) وغيرهم.

<<  <   >  >>