للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليشتري نفسه من ربه، وقد جاء في هذا الحديث جملة من الأعمال الصالحة التي إذا فعلها المسلم كان له بها صدقة، وذكر من بينها الإصلاح بين الناس بقوله «تعدل بين اثنين صدقة»، وهذا فيه بيان فضل الإصلاح والحث عليه.

الحديث السادس: روى البخاري ومسلم عن أمِّ كُلْثُوم بنت عُقْبَة بن أَبي مُعَيط (١) ، قَالَتْ: سمِعتُ رسول الله يَقُولُ: «لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي (٢) خَيراً، أَوْ يقُولُ خَيْراً» (٣).

في هذا الحديث ينفي النبي الكذب عن الذي يصلح بين الناس، ويبلغ الحديث بينهم على وجه الإصلاح وطلب الخير، فإن هذا لا يعد كاذباً، ولو قال الكذب، وذلك لعظم منفعة الإصلاح وما يترتب عليه من إطفاء الشر والفتنة بين المسلمين، وهذا يدل على فضله، وحث الشارع على فعله.

وفي رواية مسلم زيادة، قَالَتْ: «وَلَمْ أسْمَعْهُ يُرْخِّصُ في شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُهُ النَّاسُ إلاَّ في ثَلاثٍ، تَعْنِي: الحَرْبَ، وَالإِصْلَاحَ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ،


(١) هي صاحبة رسول الله ، أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط الأموية، أول من هاجر إلى المدينة، بعد هجرة النبي أسلمت قديما، ولما علمت بهجرة الرسول ، خرجت ماشية من مكة إلى المدينة تتبعه، ولحقها أخوان لها لإعادتها، فلم ترجع، وهي أخت عثمان لأمه، ماتت سنة (٣٣) هـ، انظر تجريد أسماء الصحابة (٢/ ٣٣٣)، وتقريب التهذيب (١٣٨٤) والإعلام (٥/ ٢٣١).
(٢) قوله: «فينمي» بفتح أوله وكسر الميم، أي: يبلغ، تقول: نميت الحديث أنميه إذا بلغته على وجه الإصلاح وطلب الخير، فإذا بلغته على وجه الإفساد والنميمة قلت: نميته بالتشديد، انظر فتح الباري (٥/ ٣٥٣).
(٣) رواه البخاري في صحيحه، انظر: الفتح (٥/ ٣٥٣) ح (٢٦٩٢)، ومسلم في صحيحه (٤/ ٢٠١١) ح (٢٦٠٥)، وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (٣/ ١٩٨) ح (١٦٧٤).

<<  <   >  >>